تقدم القراءة:

رسالة إلى الحسن ﴿؏﴾ ٢

24 سبتمبر، 2020

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. السلام عليك يا رسول الله، السلام على أمير المؤمنين وعلى الصديقة الطاهرة وعلى الحسن بن علي، السلام عليك أيها الإمام المهموم المغموم المظلوم، السلام عليك وعلى أخيك أبي عبد الله الحسين وعلى الثلة الطيبة الخيرة من أهل بيتك وأصحابك.
لرسول الله (ص) وللأئمة المعصومين ﴿؏﴾ سيما خاتمهم عج، قائد الأمة الإسلامية، مراجعنا بشكل عام، الحضور المؤمنين حار العزاء بشهادة أبي محمد الحسن ابن علي السبط ﴿؏﴾.
العلاقة بين أمير المؤمنين وبين الإمام الحسن ﴿؏﴾ لها أبعاد كثيرة، منها ما له دخل في جانب العصمة والإمامة والولاية، وبُعد آخر له ارتباط بالأبوة والبنوة.
ويحكي أمير المؤمنين ﴿؏﴾ هذا البُعد في الرسالة التي بعثها لابنه الحسن صلوات الله وسلامه عليهما، والتي يوضح له فيها أصول المعارف وفروعها، وواجباته الاجتماعية قبال الأمة وأسرته ونفسه وقبل ذلك ربه.
تقسم الأبحاث العلمية التربوية بشكل عام إلى:
  • أبحاث في أصول التربية ومبادئها، وهذه ثوابت لا تتغير.
  • وأبحاث في التطبيقات والمجريات، وهذه مأخوذة من الواقع وليست صرف احتمالات وفرضيات.
ولكي نعرف قيمة وأهمية وجود المبادئ في العملية التربوية وتسليط الضوء عليها، نلتفت إلى ما ينقل عن الغرب من كتابات الفلاسفة والمتخصصين في شأن التربية -مع ملاحظة أن الأغلب الأعم من هؤلاء غير الإلهيين يعتقدون بأصالة الطبيعة وكون الإنسان جزءًا من هذه الطبيعة- فكما هي الطبيعة متغيرة؛ فالإنسان كذلك متغير، ولذا فما يستقبحه إنسان الأمس قد يستحسنه إنسان اليوم. والمصدر الذي يعولون عليه ويعتمدونه في فهم وقراءة هذه النتائج هي التجربة المحدودة والاستقراء الناقص(١)، لذا ليس هناك -كما يدّعون- مبادئ ثابتة للتربية؛ والإنسان ضمن هذه المتغيرات، يستفيد برنامجه؛ فيضع له نظامًا متغيرًا منسجمًا وفق المعطيات الخارجية.
وهذا بخلاف مَن يعتقد أن هناك واقعًا خارجيًا وزمان متصرم، وغاية يسعى نحوها ليصل إليها.
ولأن الإنسان وجد ضمن هذه المنظومة الدقيقة والمتكاملة والمتسقة، لا بدّ أن يكون له برنامجًا ضمن هذه الأمور والضوابط الحاكمة في الخارج وبمعادلات دقيقة.
جاء في الرواية أن رجلًا  كان لا يستطيع أن يتورع عن ارتكاب المعاصي فذهب للإمام الحسين ﴿؏﴾ وقال له: أنا رجل عاصٍ ولا أصبر عن المعصية، فعظني بموعظة، فقال له الإمام ﴿؏﴾: “افعل خمسة أشياء وأذنب ما شئت، فأول ذلك: لا تأكل رزق الله وأذنب ما شئت، والثاني: اخرج من ولاية الله وأذنب ما شئت، والثالث: اطلب موضعًا لا يراك الله وأذنب ما شئت، والرابع: إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت، والخامس: إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار وأذنب ما شئت”(٢). فلم تكن غاية الإمام ﴿؏﴾ أن يعجِّزه؛ بل أن يكشف له الواقع، ويسلط الضوء على الرؤية الكونية الواقعية الحقيقية، كشف الحقيقة بكون أن كل حركة في هذا الكون لها آثارًا وبصمة علينا على مرّ الأيام، وهذه مسألة لا شك فيها لكل ذي عقل يلحظ حركة تعاقب الليل والنهار.
وقد يأتي سؤال هنا وهو؛ أن المبدعين لا يلتزمون بالثوابت، فكيف أصبحوا عباقرة؟ نقول أن العباقرة هم أشدّ وأكثر الناس التزامًا بالحقائق الثابتة. والأنبياء ﴿؏﴾ هم أكثر الخلق تجديدًا لما على وجه الأرض؛ لكنهم أكثر معرفة وإدراكًا وكشفًا للحقائق الفلسفية الوجودية والمعارف الإلهية.
يقول الإمام علي ﴿؏﴾ في رسالته للإمام الحسن ﴿؏﴾: “فَإِنَّ فِيَما تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عنِّي، وَجُمُوحِ الدَّهْرِ علَيَّ، وَإِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَيَّ، مَا يَزَعنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ، والاهتمام بِمَا وَرَائِي، غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِي، فَصَدَفَنِي رَأْيِي، وَصَرَفَنِي عنْ هَوَايَ، وَصَرَّحَ لِي مَحْضُ  أَمْرِي، فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعبٌ، وَصِدْق لا َ يَشُوبُهُ كَذِبٌ وَوَجَدْتُكَ بَعضِي، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي، فَعنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعنِيني مِنْ أَمْرِ نَفْسِي” فنجد أمير المؤمنين ﴿؏﴾ بعد أن تحدث لإبنه الحسن ﴿؏﴾ عن هذه الثوابت الكونية انتقل للحديث عما يترتب على هذه الرؤية في تطبيق مسألة تعدّ من الثوابت التربوية أيضًا.
الصدق أهم الأصول التربوية 
هذا الأصل المهم في مجال التربية، بل هو أكثر ما يؤثر في المتربي؛ هو وضوح وظهور ثبات واستمرار وصدق المربي.
والحديث عن الصدق، والذي لا يُختلف على أهميته في كل الديانات، وفي كل المدارس التربوية، بكونه أصل من الأصول وكونه من المسائل المهمة، إلا أن هناك اختلاف بين الصدق الذي تدعو إليه الديانات الإلهية والصدق التي تبتني عليه المدارس المختلفة في التربية الغربية.
وكي ندرك المطلب بشكل دقيق نعقد مقارنة سريعة بين الصدق في التربية الغربية والصدق الذي يدعو له الدين الإسلامي:
  • أولًا: الصدق والنظرة الكونية الإلهية
يرى الغرب كما في التشريع الإلهي، أن الصدق مهم في العملية التربوية، لكنهم ولكونهم يحصرون الرؤية الكونية وحدودها في ذات الحياة الدنيا، فهذا يُحدث تغييرًا مفهوميًا وجوهريًا للصدق. فحاجة الإنسان للصدق إن كان من أجل إدارة الحياة الدنيا وترسيخها والنجاح فيها، من شأنه أن يؤطر الصدق ويحدّ من قيمته التربوية؛ ولن يغدو مؤثّرًا إلا على بعض السلوكيات المحدودة، وبالقدر الذي سيرسخ للحياة الدنيا أكثر.
مثال:
يعتمد الغرب بشكل كبير على تربية وتنمية حاجات الفرد وتغذيتها والاهتمام بها ضمن دائرة الحياة المتحركة عليها والنجاح فيها. وكل هذه المفاهيم منحصرة حول حدود حياة الدنيا، لذا لا نجد هناك حياة اجتماعية بالمعنى الواقع؛ إذ ليس لديهم تفسيرًا فلسفيًا لمعنى الحياة الاجتماعية، فضلاً عن كون هذا النحو من التربية يهدم الشعور بالقربى لله ﷻ.  فحينما تُقطع علاقة الإنسان بالروحانيات، أو لم تعدّ مطلوبة من الأساس، سيجعل الإنسان ذاتيًا وبشكل تلقائي.
  • ثانيًا: مع الصادقين 
قد نبّه القرآن الكريم المؤمنين لهذا الخطر حيث يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾[التّوبة:١١٩]، لذا يجب أن نبحث عن الصادقين الواقعيين، ومفهوم الصدق في الإسلام ضمن هندسة متكاملة في العقيدة.
يوسف الصديق أنموذجًا
الصادق عارف محيط بالواقع، كما أن الصدق درجات ومراتب، وهو أصل لإعطاء سمة الرسالة، لذلك نرى أن أغلب الذين آمنوا بالنبي (ص) لكونه الصادق الأمين، وهو من يطابق قوله فعله، ونضرب مثالًا  آخر للتقريب:
نبي الله يوسف ﴿؏﴾ الذي أُخذ إلى كنعان بلا إرادته، ما الذي جعل من حوله يؤمنون به ويطلبونه ويعطونه موقع الوزارة؟! هل كونه نبي يوحى إليه وهل أحتج عليهم بذلك؟! لا، لكن وقد ظهر لهم كونه صادقًا؛ قوله الذي يطابق الواقع الخارجي، وفيه مصلحة لهم! قالوا: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ [يوسف: 46]، فالخطاب له بيوسف ﴿أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ لأنهم رأوا منه الصدق المطلق.
ثمرة صدق المربي الباقيات الصالحات 
من الضرورة أن يكون المربي صادقًا، فلا يكون فعله صرف زينة وزخرف اجتماعي فحسب. والأصل لتلك الضرورة يعود لحيثية رؤية المال والبنون زينه الحياة الدنيا(٣)، في حال أن زينة الإنسان الواقعية هي معتقداته ومعارفه، فربط الأبناء بالدنيا لن يجعلهم من الباقيات الصالحات، كما أن هذا النوع من السلوك الغير تربوي يمهد الأرضية لخلق معارضة ضد الآباء والأمهات، في حال اكتشف الأبناء انقلاب هذا العنصر المهم.
النبوة والإمامة مظهر تام للأبوة الصادقة 
لهذا نلاحظ أن الأبوة والأمومة من أعلى مظاهر الصدق في الروابط والعلائق، قال رسول الله (ص): (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة)(٤)، بمعنى لو أن هناك علاقة أكثر صدق ونزاهة من علاقة الأبوة والبنوة لضربها النبي (ص) واتخذها كمثال لعلاقته بأمته.
القرآن الكريم وهو يتحدث عن سائر الأنبياء ﴿؏﴾ مع ما فيهم من صدق ومحبة وإيثار، يقول تعالى: ﴿إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٠٦]، كذلك في قوله تعالى: ﴿إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء:124]، وكذلك: ﴿إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء:١٤٢]، وكما في قوله تعالى: ﴿إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء:١٦١].
(الأبوّة)(٥) يتمحض فيها الصدق، والنبوة تشبهها! فليس كل نبي يمكن أن يكون (أبًا) لأمته؛ أما بالنسبة لرسول الله (ص) فالعلاقة: كما هي على النحو الأعلى مستوىً  في الرحمة؛ هي الأعلى مستوىً  في (الأبوّة)، ولذلك استشهد بها رسول الله (ص)؛ علاقة ليس فيها أية مصلحة، أشبه ما تكون بالربوبية كما بينت الآيات في سورة الشعراء في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(٦)، لأنهم صلوات الله وسلامه عليهم وجه الله ﷻ ويقومون مقام الخلافة عن الله ﷻ، فلا يأخذون أجرهم من الناس، بل هو على الله رب العالمين.
الإمام الحسن ﴿؏﴾ سليل النبوة والإمامة 
يقول الأمير ﴿؏﴾ للإمام الحسن ﴿؏﴾: (وجدتك كلي)، لأن الإنسان إذا ربى أبناءه تربية صالحة، كانوا هم الباقيات الصالحات، وهي قاعدة معوّل عليها: ” كل ما يصدر من الأبناء وإن نزلوا يحسب بحساب الآباء وإن علوا”.
وفي قول الأمير صلوات الله وسلامه عليه، إشارة لذلك (وجدتك كلي) قال: “وَصَرَّحَ لِي مَحْضُ  أَمْرِي، فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ، وَصِدْق لا َ يَشُوبُهُ كَذِبٌ”.
هذه الحالة الجادة والصدق التام، وتمحيص الرأي والنصيحة، واهتمام أمير المؤمنين ﴿؏﴾ بشأن نفسه وأصله، إلا أن غاية ما يهمه في التربية هو أن يوصل ابنه الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه لهذه الرؤية، كي يرى الدهر على ما هو عليه، والزمان على ما هو عليه، والجنة كما هي، وعلاقاته بالآخرين كما يجب عليه أن تكون، صدق في صدق. ولا شك أنه بعناية أب ومربٍ -كأمير المؤمنين ﴿؏﴾- بتربية إنسان أخروي، حتمًا ستكون مؤثّرة وستؤتي أكلها.
وقد استطاع الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه أن يعالج الأمة بأن يتجرع هو صلوات الله وسلامه عليه سمّ الكذب والحيلة والافتراء والخيانة والظلم، ويسقي الأمة بكأس الصدق والبسالة والإخلاص؛ فأقام وأقام كل مائل، كي يُخرج الإمام الحسين ﴿؏﴾ في كربلاء أبيضًا طاهرًا لا يطلبه أحدٌ بدين أو بدم.
ولذا عندما أوصى الإمام الحسن ﴿؏﴾ أن يدفن عند قبره جده رسول الله (ص)، إلا أنه قيّد وصيته هذه بأن لا يراق في سبيل مدفنه محجمة من دم(٧)، وهذا التأكيد من الإمام الحسن ﴿؏﴾ ينمّ عن إرادة منه لأن لا يترك للإمام الحسين ﴿؏﴾ ما يُطلب به، فيكون بريئًا طاهرًا. وحتى يكون للإمام الحسين ﴿؏﴾ الحجة البالغة والبينة الواضحة في كربلاء. ولهذا نجد الإمام الحسين ﴿؏﴾ عندما هوجم نعش الإمام الحسن ﴿؏﴾ بالسهام، لم يرد على القوم، ولم يأخذ ثأره منهم، حينها جاز للإمام ﴿؏﴾ أن يقف في اليوم العاشر مخاطبًا جيش الكوفة وأن يحتج عليهم بالقول: “ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال استهلكته، أو بقصاص جراحات..”(٨).
السلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي ورحمة الله وبركاته.
ألا لعنة الله على القوم الظالمين.

١. الاستقراء الناقص: وهو تتبع بعض جزئيات الكلي المطلوب ومعرفة حكمه. يقيم البرهان على مثال واحد أو مثالين، ومنه يعمم الحكم إلى جميع جزئياته، ينقسم الاستقراء الناقص إلى قسمين هما: الاستقراء المعلل والاستقراء غير المعلل.

٢. الريشهري، محمد، ميزان الحكمة، مواعظ الإمام الحسين (عليه السلام) – في مسيره إلى كربلاء،  ج ٤، ص ٣٥٩.

٣. إشارة للآية الكريمة ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾  الكهف : ٤٦
٤. مناقب ابن شهرآشوب: عن أبان بن تغلب، عن الصادق عليه السلام ” وبالوالدين إحسانا ” قال: الوالدان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليهما السلام.
سلام الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام وأبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وفي علي عليه السلام وروي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.
وروى أبو المضا صبيح عن الرضا عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: أنا وعلي الوالدان.
وروي عن بعض الأئمة في قوله: ” أن اشكر لي ولوالديك ” أنه نزل فيهما.
عن النبي صلى الله عليه وآله: أنا وعلي أبوا هذه الأمة، أنا وعلي موليا هذه الأمة.
وعن بعض الأئمة ” لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد ” قال: أمير المؤمنين عليه السلام وما ولد من الأئمة.
عن عمار وجابر وأبي أيوب، وفي الفردوس عن الديلمي، وفي أمالي الطوسي عن أبي الصلت بإسناده عن أنس: كلهم عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: حق علي على الأمة كحق الوالد على الولد.
وفي كتاب الخصائص عن أنس: حق علي بن أبي طالب على المسلمين كحق الوالد على الولد.
في مفردات أبى القاسم الراغب قال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة. [بحار الأنوار، ج٣٦، ص ١١]
٥. المعنى اللغوي للأبوة: أصل الأب في اللغة: التهيؤ والقصد، يقال: أب الرجل، إذا تهيأ للذهاب وقصد، والأب: النزاع إلى الوطن، ويقال: أبوة القوم، أي: كنت لهم أبًا، والأب: الوالد، والأبوان: الأب والأم، أو الأب والجد، أو الأب والعم، أو الأب والمعلم، أو الجد والجدة، ولا يرد الأب بمعنى المربي أو العم إلا بقرينةٍ. ويتبين مما سبق أن الأبوة كلمة تحتمل عددًا من معاني التهيؤ والقصد للاحتضان الاجتماعي والتربوي، والتعبدي، وكافة مناحي الاحتضان، وإن كان أخص خصوصيات الأبوة هو أبوة الدم؛ إذ إنها حقيقته.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي: ذكر غير واحدٍ تعريفًا اصطلاحيًا للأب، ويتضح أن ثمة فرقًا بين الأب والأبوة، فقد يكون أبًا في الدم، ويتنصل من واجباته تجاه بنيه في الأبوة من تهيؤ كامل بقصد للاحتضان التربوي والاجتماعي والتعبدي بما ينفع عند الله تعالى.

٦. الآيات: ١٠٩، ١٢٧، ١٤٥، ١٦٤، ١٨٠.

٧. توفي الحسن بن علي في شهر ربيع الأول سنة 49، ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين: يا أخي إن هذه آخر ثلاث مرار سقيت فيها السم، ولم أسقه مثل مرتي هذه، وأنا ميت من يومي، فإذا أنا مت فادفني مع رسول الله، فما أحد أولى بقربه مني، إلا أن تمنع من ذلك فلا تسفك فيه محجمة دم. [تاريخ اليعقوبي – اليعقوبي – ج ٢ – الصفحة ٢٢٥]

٨. الإرشاد – الشيخ المفيد – ج ٢ – الصفحة ٩٨

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 134٬171 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيف الطريق إليه (عج)؟ 5 (1)

إن من الدقة أن نقول إن الطريق للإمام (عج) هو أن تربط نفسك بمشروعه، أما الذهاب لجمكران والسهلة والقيام بأعمال أربعينية فهذه مسائل ثانوية، وليست هي الأصل وإن كانت مهمة ومعينة وثمة حاجة لها للارتباط بالإمام (عج).

جهاد السيدة زينب ﴿؏﴾ وأخلاقيات الصراع بين الحق والباطل 0 (0)

﷽ توطئة  مما لا شك فيه أن الصراع بين الحق والباطل ولد مع ولادة الإنسان؛ وذلك لاختلاف الناس في القوى والصفات والأفعال، وأن سلسلة هذا الصراع لم تبدأ بنزول آدم ﴿؏﴾ إلى الأرض  حاملًا في أصل جينات وجوده العداوة لإبليس، وكذا إبليس أيضًا؛ بل كانت في عالم الأصل منذ الخلقة...

مقام المنصورة في السماء 0 (0)

﷽ وأفضل الصلاة والسلام على خير الأنام المصطفى ﷺ وعترة الطاهرة ﴿؏﴾ أبارك لرسول الله ﷺ ولآل بيته ﴿؏﴾، ولمراجعنا العظام والأمة الإسلامية، المولد الأطهر للصدّيقة الطاهرة ﴿؏﴾، ويوم المرأة العالمي، ولا يفوتنا هنا أن نبارك بالتبع ميلاد ابنها بالحقّ مفجر الثورة الإسلامية...