تقدم القراءة:

البوصلة القرآنية تشير إلى القصر المشيد

14 فبراير، 2020

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)

أهنئ الرسول الأعظم وخديجة الكبرى والأئمة المعصومين (ع) ومراجعنا -بالأخص السيد القائد- بالذكرى العطرة لميلاد سيدة نساء العالمين (ع)*. 

كما أخص بالتهنئة كل فتاة يافعة، وشابة واعية تحمل بين جنبيها رسالة الزهراء (ع) في باطنها وظاهرها، أهنئها لأنها لم تُختطف ولم تُسرق -وبأخطر الوسائل المدججة- مع الكثيرات ممن قد اُختطف، وأهنىء كل من لم تهن أو تضعف أمام موجة التحديات وفي مهب الأعاصير الصعبة والعاتية، أهنئ كل فتاة في سن المراهقة وهي تلبس عبائتها بثقة واتزان، أهنئ كل من تجد حرجًا وتضع حدًا في الحديث مع الرجل وتترفع عن الاختلاط غير الضروري؛ بل وتزهو بنفسها أن تنظر نحو رجل من غير المحارم، وتتكبر كما هي الملكة المستقرة على عرشها فهذا دليل على سلامة في فطرتها، وأنها لا تزال أميرة في مقصورتها الروحية.

وبهذه المناسبة نذكر هنا بأهمية الحفاظ على معطيات هذه الفطرة وإلهاماتها بما قاله ابن آية الله العارف الشيخ بهجت حينما تحدث في مؤتمرِ لتكريم شخصية الشيخ المقدس إذ قال ما مضمونه: أن ميزة الشيخ بهجت حفاظه على الإلهامات الفطرية، وقد قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ  وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ الشمس: ٧- ٨

مع الشعار: 

من هنا أبدأ ورقتي هذه وشرح الشعار المستوحى من الآية: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ الحج: 45

والآية هنا تتحدث عن سنة تاريخية لبقاء وزوال الأمم والمجتمعات، إذ تؤكد أن سبب هلاكها كان الظلم والذي يظهر من خلال تعطيل موارد الحياة الكريمة، ممثلَة ذلك بالبئر المعطلة؛ لأن الماء مصدرٌ للحياة وسببٌ للنماء والخضرة، كما أنه في ذاته طاهر ومطهر. 

واللطيف في الآية الشريفة أنها لم تنسب الجفاف أو اليبس للبئر من نفسه؛ بل بفعل قوى من الخارج أرادت له التعطيل، ولهذا الوصف معنىً دقيق فالتعطيل هو التوقف عن الفاعلية والعمل وقصر الطموح على الراحة، وكذلك الأمر بالنسبة للقصر المشيد فهذه القرية الخاوية على عروشها هي بمثابة التصوير القرآني لما يصنعه الظلم من إرساء حالة البؤس وبث مشاعر اليأس في مجتمعٍ وقد انهار على وجهه من حيث كان يحسب أنه يبني عرشًا وهو في حقيقته خواء منذ بنائه، وكما هو معلوم بما جرت عليه العادة فإن البناء لا يخوي على عروشه وإنما تتهالك الأبنية من أصولها ثم تهوي العروش على الأصول والأعمدة، ولكن الآية الشريفة تحدثنا عن سنة الأنظمة الظالمة والتي ترفع ما من شأنه الخفض، وتخفض ما من شأنه الرفع. وكم كانت الصديقة الزهراء (ع) قرآنية حين عبرت عن هذا الواقع بصورة مشابهة في خطبتها  فقالت: “استبدلوا الذنابى والله بالقوادم والعجز بالكاهل”، وقالت (ع): “أَلا قَدْ أرى أنْ قَدْ أَخْلَدْتُمْ إلَى الْخَفْضِ، وَأبْعدْتُمْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْبَسْطِ  وَالْقَبْض”.(١) 

فأول عامل للظلم المهلك هو الرفع الوهمي الاجتماعي وغيره لمن مكانهم الخفض، والخفض لمن مكانهم العرش فإنه والله الباطل حين يصبغ بلون الحق، لذلك سرعان ما يسقط لهشاشته، فإذا جاء الحق زهق الباطل، وظهرت صورته وما يبدو للعين من تزويق وتجديد وتجصيص لهذه الأبنية -في واقعها- ليست إلا نقوشًا تخطف بصر السذج منهم فحسب.  

وفي مقابل تلك العروش المتهاوية والبئر المعطلة تأتي حكاية المجتمعات والأمة العادلة الكريمة، فبالعدل قامت السماوات والأرضين، إذ أن الحكم له أن يبقى ويستمر مع الكفر ولكنه لا يبقى مع الظلم. والمدنية الواقعية ليست في مظاهر الأبنية الشامخة ولا المعماريات المزخرفة، أو وفق الرفاهية المادية فحسب، وإنما هي تشييد الإنسان بعناصر الحق والكرامة والعدالة والتي هي أهم ما يميزه ويشخصه عن سائر المخلوقات.

يقول الشهيد المطهري: (العدالة أساس سابق للدين)، ويقول أستاذنا الجوادي الآملي: “إن الله سبحانه ملّكنا مالنا ودمائنا بشكل ظاهري، فإذا ما تجاوز شخص ما وأخذ هذا المال، فلنا في حال رغبنا أن نتجاوز عنه ونسامحه، كذلك في حال قتل أحدهم شخصًا ظلمًا وعدوًا يحق لأولياء الدم أن يتنازلوا عن دمه وديته: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾الإسراء: ٣٣، ولكن الكرامة ليست لنا، وليس لنا عليها سلطانًا بل هي أمانة من الله في أيدينا، وليس لنا التنازل عنها إن الله فوض للمؤمن أموره كلها، ولم يفوض له أن يذل نفسه” 

ويقول أيضًا:

“أن الإسلام الخالص الحقيقي هو فقط مَنْ يمكنه أن يبني حضارة حقيقية” ويضيف: “إن الله سبحانه وتعالى لم يكن قد علّم الإنسان مفهوم الحضارة من ناحية علمية وعملية إلا بعدما جعله يدرك أنه موجود أبدي بالدرجة الأولى، وأنه مسؤول عن كل تصرفاته وأقواله ومحاسبٌ عليها بالدرجة الثانية، إن وعي الإنسان بهذا العهد الإلهي هو الأرضية الراسخة لبناء الحضارة”. هنا انتهى كلامه حفظه الله وأيده.

وما الأمر للإنسان بترك أشكال الشرك وشعبه، وإلزامه بمجموعة من الواجبات قبال مولوية مولاه، ومنعه عن ارتكاب الظلم بكل أشكاله ما هو إلا حفاظٌ على هذه المدنية الراقية واقعًا، وعليه جعلت كل الأحكام الشرعية وكان مدارها ومن ذلك حرمة غيبة المؤمن أو همزه ولمزه وكذلك الظلم بأنواعه ،…كلها ما هي إلا مقدمات لحفظ حيثية المؤمن وكرامته ومروءته، أما إذا هدمت تلك القيم فستسقط المجتمعات وتتهاوى على عروشها. 

جاء في الوسائل عن علي (ع): “من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته وثلبه أوبقه الله بخطيئته حتى يأتي بمخرج مما قال ولن يأتِ بالمخرج منه أبدًا ” (٢) ، فالتعبيرفي الرواية بالهدم فأي بناء يسعه أن يبقى لمجتمع وقد هدم كل فرد منه الآخر!؟

علاج وتأصيل: 

أستطيع أن أقول: أن قوام شرط التجديد الواقع هو بسط العدالة، والكرامة والمروءة فرع العدالة، فالرجل الذي لا يغار على أهله ومجتمعه لا مروءة له، والمرأة التي ترى في الغيرة سلب لحريتها فإن ذلك هدم في فطرتها. 

وما انتخاب هذا الموضوع إلا من وحي الحركة المتسارعة في هذا الجيل، واللهث وراء كل جديد بلا فحص ولا تمحيص، فكانت الجدة -مقابل القديم- هي ملاك مستقل لقبول الأشياء واستحسانها.

وأما عطش الإنسان الفطري؛ فينبغي أن يكون لكل سام ٍورفيع، قائم على عرشه قديمًا كان أو جديدًا، حديثا أم موروثًا، تليدًا أو مستطرفًا، معروفًا كان أم مبتكرًا. وأن يكون المعيار في قبول الجديد هو احتوائه على عنصر الإحياء بحيث يدفع باتجاه حفظ أصليّ العدل والكرامة، ومعرفة سبل الوصول إلى مصاديقهما بالقدر الذي يقربنا من الحقيقة المطلقة -ولنسمها بالمصطلح الديني: المعصوم- وليس الوصول إلى الحقيقة المقيدة والتي تتحطم آمال الإنسان فور وصوله إليها. وهذا النهج هو نهج لتفكير وجودي وتفكير فلسفي عمدته النظام الثقافي، كما أن له نظامًا أخلاقيًا واجتماعيًا واقتصاديًا خاصًا؛ إذ أن كل من يقبل التجديد يجب أن يقبله بكل أجزائه، فلا يمكنه خلع تلك التبعات من نظام ما على كل جديد فيه ومستحدث.

منهج التغيير في الأحكام: 

ولبيان ذلك بحاجة لإيضاح نقطتين:

1- أن كل حكم في زمانه ومكانه مع الأخذ بجميع الملابسات المحيطة به بعين الاعتبار ومدى انطباقه مع مقاصد الشريعة فهو صحيحٌ وحقٌ إسلامي، ولا معنى للاستيحاش منه حين ذاك.

إن المجتمعات والتي تمر بتطوراتٍ عديدة جعل لها الشارع مقابل هذه التطورات محلًا  في التشريع الإسلامي أسماه الشهيد الصدر -رضوان الله عليه- (بمنطقة الفراغ)، وهذه المنطقة ليست جديدة على الشريعة بل مجهولة من الأصل في باطن الشريعة. تنكشف لنا مع حركة الزمان وما نطلق عليه باسم المستجدات من الأحكام فذلك بالنظر لجدة انكاشفها لنا. وهنا أضرب مثالًا  تقريبيًا؛ فعندما يكون النور قويًا مستترًا وراء حجاب يحجبنا عن رؤية نورانيته نجهله، ولكن حين يرتفع عنا هذا الحجاب فإننا نتنور بالعلم به، وهكذا فإن الشارع الذي وضع الأحكام؛ من وجوب ومحرم ومباح، فهو من بداية الأمر جعلها مباحات لا اقتضائية، لا مطلوبة وجوبًا ولا استحبابًا ولا مكروهة ؛بل هي في عرض سائر الأحكام الشرعية، وبحسب نظرية الشهيد الصدر فهي تجري في كل مسألة متغيرة؛ إما في الحكم، أو في الموضوع.

٢-هناك من قال أن الثابت في الدين هو القيم والمتغير فيه هو كيفية إنزال هذه الأحكام وتطبيقها في الخارج وعلى أرض الواقع. فالمتغير ليس الموضوع، ولا هي حالات المكلف، ولا الفراغ التشريعي إذ قد يكون في منطقة الفراغ أو غير منطقة الفراغ؛ وإنما المتغير هو الوضع الحضاري الذي تمر به أوضاع المجتمع والذي يحتاج فيه إلى تغيير يناسب ظرفه٠

تطبيق روائي: 

جاء في الرواية أن البئر المعطل الإمام الصامت(٣)، فالإمام في نفسه ليس عاطلًا  هنا أو قاصرًا، ليس فارغًا وبلا مضمون، بل معطل بسبب عدد من الموانع أهمها الطغاة ومدعي الإمامة عندها يصبح الناس وقد نضبت نفوسهم حينما يتعطل الإمام الواقعي.

وحينها سيسعى الناس نحو الصورة الخيالية والتي سماها القرآن بالسراب، نحو حياة بلا مضمون وإلى لذة فانية منقطعة، ومع ذلك فالآية التي هي محور الشعار تشير إلى أن حاجة الإنسان موجودة، وأن البئر الصافي في متناول يده، ولكن ولأنه ظامئ فقد بوصلته، وضاعت عليه الاتجاهات والتبست عليه المناهج واختلطت عليه الدروب حتى ضل مقصده ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ النور: ٣٩ 

وألفت هنا إلى تعبير الآية الشريفة: ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ فكما نعرف أن الظمآن صفة مشبهة تدل على الثبات والرسوخ؛ لذا فكما أن الظمأ ثابت وراسخ، فرؤية السراب ماء كذلك ثابتة وراسخة، هذا النمط من الناس يبس الحلق محروق الكبد، مكدود من عرض إلى عرض غيره، ومن غرض لآخر، ومن متاع إلى متاع مثله، من ملبس إلى ملبس، ومن جديد إلى ماهو أشد منه، ومع ذلك تراه في كل ساعاته يعيش التململ، وأيامه عطل ولا يزال يسعى من طلب إلى طلب.

وقد أصبح أرضية صالحة لاستغلال الرأسمالية الفاسدة فهي ومع ما تحمل في أحشائها أسباب لكل الإخفاقات والرسوب والفشل والعي والسقوط، لا تزال تضع الفخ تلو الفخ  لهذا المسكين العطش والضائع التائه، وقد تجد -الرأسمالية- لها من المتمصلحين وضعاف النفوس والجهلة من به تثبت في أولئك ذلك الشعور بالظمأ والدونية فتعمل جاهدة لإذكاء نار العطش وإثارة حرارته في الكبد كي لا تخمد نار  التسويق، ولا يسقط صنم المتعة فهو عنصر بقائها ودوامها وبناء مدنيتها الموهومة. 

فهي بذلك تقوم بدورين:

 إحداهما: توكيد العطش الكاذب وتحويله إلى ظمأ، وثانيهما: إنتاج السراب الخائب ﴿أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾ الصافات: 64، وهنا نراهم مثالًا  لذلك، نراهم يتفنون في صناعة كماليات وكماليات حتى نشعر أننا لا يمكن أن نعيش بدونها. يتفنون في صناعة الجديد  ويوضع إلى جانبه الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وما أشد إتقان أهل الدنيا للغتها لافتتاننا بها! وللأسف نحن -أهل الآخرة- لا نعرف لغة الآخرة؛ ولذا لا نعرف كيف نحييها في يومياتنا. في حين أن أهل الدنيا يعرفون كيف يحكمون لعبتهم وكيف يرمون بالحبال تلو الحبال لصيد الفرائس، ويجولون بالخيال يؤججون المشاعر المبالغة في طلبه والإلحاح في ذلك وكأنه أكسجين الحياة وإكسيرها.  

دور المرأة أمام الترويج للحقيقة: 

في كل مكان وزمان وفي كل فعالية -اقتصادية كانت أو اجتماعية- هناك عنصران أساسيان لإبقائها؛ الأول: المباشر، والثاني: المبطن وهو المسبب، وغالبًا ما يكون العنصر المباشر هو المرأة سواء في التحول نحو الحق أو نحو الباطل، ومن هنا نأتي على محورنا الأخير:

من المقتضى والإرادة الإلهية فإن الصدّيقة الطاهرة هي التي تحملت الدور المباشر في إحياء الدين وإظهاره والجهاد في سبيله، وهي القصر المشيد المجصص بأيادٍ إلهية وبناء نبويّ فكانت هي الحجة الناطقة، وكان الإمام علي (ع) له الدور والموقع الخلفي هنا وهو العذب الفرات الذي تدعوا له عليها السلام، فقد قالت (ع) في خطبتها في حق أمير المؤمنين  وبنفس المنطق القرآني: “لو وليّها أبو الحسن لأوردهم منهلاً نميراً، صافياً روّياً، فضفاضاً تطفح ضفّتاه، ولا يترنق جانباه، ولأصدرهم بِطاناً”(٤) فالزهراء (ع) تستند في احتجاجاتها على القوم بالثوابت ففي الشريعة الإلهية هناك ثوابت لا تقبل التخطي، فنحن نلاحظ أن القرآن الكريم حين يتحدث عن الإرث أو غيره من الأحكام الشرعية يؤكد على أنها ذات حدود يقتضيها العقل وتحتمها المصلحة الواقعية، كقوله تعالى في الآية الشريفة: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلا تَعتَدُوها﴾ البقرة: ٢٢٩، وحين يتحدث عن الأمان الأسري يقول عز وجل: ﴿وَمَن يَتَعدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ الطلاق: ١، وحين يتحدث عن الحدود الشرعية يقول في معرض كتابه الكريم: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّـهِ فَلا جُناحَ علَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلا تَعتَدُوها وَ مَنْ يَتَعدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ البقرة: 229، فلو لاحظنا كم مرة قد وردت كلمة الحدود في الآية الشريفة لأدركنا أن المدنية المطلوبة هي التي تدور مدار العدل والكرامة وحفظ الحدود.

 وكما جاء في آيات المواريث: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ علِيمًا حَكِيمًا﴾ النساء: ١١٤ ومن كان سيعرف أن هذه من الأحكام الثوابت فهي ليست مسألة اجتهادية وقد قال الله تعالى: ( تلك حدود الله فلا تعتدوها) سوى فاطمة عليها السلام؟! وهي عدل القرآن والتي تعرف ناسخه من منسوخه، وتأويله من تفسيره، هي القصر المشيد في دولة العدل الكريمة، الدولة التى يقيمها المهدي (عج) ابن فاطمة (ع) كما صرحت بذلك الروايات الشريفة، وما أروع التعبير (بالمشيد) كناية عن الثبات  في الكلمة والموقف. 


ورقة العالمة الفاضلة أم عباس الطاهر النمر – ملتقى المرأة التاسع ١٤٤١هـ

١. بحار الأنوار ج: 43، ص:162

٢. من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مرؤته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان [الكافي ج: 2 ص: 358]

٣. روي عن علي بن جعفر عن موسى بن جعفر (ع): (البئر المعطلة الإمام الصامت والقصر المشيد الإمام الناطق) [الكافي ج: 1، ص: 427]

٤. بحار الأنوار ج: 43، ص: 160

 

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 134٬228 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

فزت ورب الكعبة 0 (0)

﷽ السلام عليك يا رسول الله، السلام على أمير المؤمنين، وعلى الصديقة الطاهرة، وعلى الأئمة المعصومين.   السلام عليك يا أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين، السلام عليك يا باب الله، السلام عليك يا عين الله الناظرة، ويده الباسطة وأذنه الواعية، وحكمته البالغة،...

كيف الطريق إليه (عج)؟ 5 (1)

إن من الدقة أن نقول إن الطريق للإمام (عج) هو أن تربط نفسك بمشروعه، أما الذهاب لجمكران والسهلة والقيام بأعمال أربعينية فهذه مسائل ثانوية، وليست هي الأصل وإن كانت مهمة ومعينة وثمة حاجة لها للارتباط بالإمام (عج).

جهاد السيدة زينب ﴿؏﴾ وأخلاقيات الصراع بين الحق والباطل 0 (0)

﷽ توطئة  مما لا شك فيه أن الصراع بين الحق والباطل ولد مع ولادة الإنسان؛ وذلك لاختلاف الناس في القوى والصفات والأفعال، وأن سلسلة هذا الصراع لم تبدأ بنزول آدم ﴿؏﴾ إلى الأرض  حاملًا في أصل جينات وجوده العداوة لإبليس، وكذا إبليس أيضًا؛ بل كانت في عالم الأصل منذ الخلقة...