تقدم القراءة:

الطيبات للطيبين ٣

7 أكتوبر، 2013

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)

قال تعالى: ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ النور: 26 

 مفهوم الطّيب في الثقافة الإسلامية:

ورد في الروايات وصف الحسنان (ع) بأنهما ريحانتاه من الدنيا (1) وسمى القرآن الحسن والحسين اللؤلؤ والمرجان ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ الرحمن: 22 لاحظوا هذه الألفاظ وتأملوا في مدلول هذه الكلمات .

فرق بين الاعتدال والاستقامة والعدالة والقانون؛ وبين الحُسن والطيب والجمال. العدل معيار مطلوب بالنسبة للإنسان، والحقوق معايير أساسية، ولكن الإنسان لا يطلب الحقوق فقط، فالله سبحانه وتعالى أوجد في الإنسان مشاعر هي أعلى وأرقى من طلب الحقوق.

تأمّلوا فيما انتهت إليه المجتمعات الحضارية والمدنيّة من تأسيس الدول والمؤسسات والبناءات الاجتماعية فهي تبنى على الأنظمة وعلى تثبيتها. بينما الإنسان في الحقيقة له مذاق وله روح وله نفَس أعلى من حدّ النظام وطلب النظام.

كان من الممكن أن يستقيم أمر الدنيا بلا لؤلؤ ولا مرجان ولا طيب ولا روح ولا ريحان، وكان يمكن للإنسان أن يأكل مما على وجه الأرض، ولكن الله سبحانه وتعالى خلق فوق طبيعة الإنسان ذوق الإنسان، فأعطى الإنسان ذوقاً يطلب به الحسن.إذ يختلف الإنسان عن بقية الموجودات فهو يمتلك شيئا آخر، وحسّا آخر هو أرقى من طلب العدل وطلب الحق ، هذا الحس هو طلب الجماليات. 

الجمال والطيب واللطف واللؤلؤ والمرجان هي أعلى وأرقى بعدّة مراحل من مسألة العدل والحقوق والاستقامة والسلامة، فكلها في الحقيقة مقدمات تسبق وجود الطّيب والعطر.

ومن حيث نسبة الجماليات والطيب لوعي الإنسان وفهمه وكماله فإننا نقول: كلما كان الإنسان أكمل أصبحت ذائقته أدق، وانتقائيته أكثر ويصبح ميّالاً إلى الجماليات أكثر، وهذه خصوصية في الإنسان لا توجد في بقية الموجودات، وهي عطية من الله سبحانه خالق هذا الحس في الإنسان. والذي خلق هذه القوى في الإنسان خلق له مقابلها وجودات تغذّي هذه القوى.

نعم، يمكن للإنسان أن يعيش بلا لؤلؤ وبلا مرجان، وبلا جماليات من فنون ورسم ونقش وشعر، لكن المسألة ليست إمكانية العيش فحسب، المسألة أن الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان حسّا نستطيع أن نسميه بالإلهام، وبه يحبّ الشعر والطيب والعطر ويبحث عن المصاديق الحقيقية لكل هذه الجماليات. أين هم هؤلاء المصاديق ؟ هؤلاء في بيت الحُسن. في بيت الزهراء أم الحسن والحسين والمحسن. ولذا قالوا لو كان للزهراء أكثر من ولد فإن أسمائهم سوف تنتزع من لفظة الحسن، لأن الحسن هو أمر فوق حدّ حاجة الإنسان التي تقتضيها طبيعته، فالًحسن يغذّي جانبا أرقى مودعا في الإنسان.

لفظ الطيب يختلف عن لفظ العدالة ولفظ الحقوق، تلك الألفاظ التي يستخدمها الآن المجتمع الحضاري والمدني المتطور الذي يبحث في أقصى غاياته عن إقامة (الحق) . ولكن إقامة الطيب والطهر والحُسن علاوة على أنها تتضمن العدالة وأداء الحقوق فهي تتضمن ما يملأ وعاء الإنسان الذي خلقه الله تعالى به. تملأ مشاعره وأحاسيسه. إذن فإن نفس كلمة الطيبات إذا فككناها وأخرجنا منها الدلالات الضمّنية فسوف يخرج منها معانٍ قيّمة ومعايير أساسية تضمن سعادة وسلامة واستقامة البناء الأسري ودوامه وصحته.

نكمل الحديث عن المرأة الطيبة باعتبارها أساس بناء الأسرة الطيبة .

خصائص المرأة الطيّبة: 

قلنا أن المرأة الطيبة بالدرجة الأولى هي التي تكون أمانيها رفيعة .

ونضيف على ما قلناه سابقاً أن كل إنسان يطيب بمقدار طموحه، فإن الطموح يخلق عند الإنسان همة، وقدقالوا (المرء يطير بهمّته) فإذا كان عند الإنسان همّة عالية وكبيرة فإن كثيراً من الأمور تصغر في نظره، وكثير من الأمور الدونية لا يراها أصلا، والعكس صحيح، فإذا كان الإنسان ذا همة دانية فإن طموحه ورغباته تكون بنفس المستوى، وبالتالي فإنّ كل شيء يتحول في طريقه إلى حجر عثرة ويصاب بالشلل والعجز، وعدم القدرة على الاستفادة من الأمور التي حوله.

قلنا أن أي امرأة معتقدة مؤمنة بهذه الثقافة تعتبر أكبر طموحاتها أن تحشر مع الصديقة الزهراء (ع) – وهذا هو العقل – فالعاقل لا يقتصر على الطموحات الدنيوية بل يمزج الدنيا بالآخرة، فالبناء الصحيح في الإسلام هو البناء الذي تتداخل فيه شبكتي الدنيا والآخرة، لأن الحياة الآخرة هي (الحيوان) هي الدار الواقعية والنهاية الواقعية.

من هنا فإن الإسلام لا يجعل الإنسان ينقطع عن الدنيا وينفصل عنها، فهو يحرّم الرهبانية و يحرم صيام الدهر وما شاكل، والإسلام لا يرضى من الإنسان بأن يفصل شبكة الدنيا عن شبكة الآخرة بل يقول :امزج دنياك بأخراك ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ﴾ البقرة: 201 فهما شيء واحد. وهذا هو الفنّ والاقتدار، فالفن أن تحوّل ما حولك من محيط وأهل وأصدقاء، وإمكانياتك من أخلاق وكلام وأعمال وأموال وكل شيء حولك إلى أخروي.

الإنسان المؤمن شبكة اتصاله بعالم الآخرة غير منفكة عن الدنيا (كما تعيشون تموتون)(2) هذه الشبكة داخلة في تلك الشبكة مئة بالمئة. ومفهوم الأمان والسلام والراحة والسعادة والاستقامة والأمان والاطمئنان الواقعي الحقيقي هو من دمج هذين العالمين .

ولقد جاء الإسلام ليعلمنا كيف نتقن هذا الفن. فاعتبر الإسلام الإنسان الناجح السعيد الموفق هو الإنسان ذو الهمة العالية الذي يطلب الدرجات العلى؛ لأن الله سبحانه وتعالى (رفيع الدرجات) ولأن هناك درجات عالية جداً تستحق الطلب. الإنسان الكسول اللامبالي الذي يتلف وقته هو إنسان لا يستطيع أن يختار درجات عالية لأنها مختصة بأصحاب الهمة العالية.

وأصحاب الهمة العالية لهم نوع من الشمائل والأخلاقيات والأفعال تتناسب مع همّتهم، لأن الدرجات لا تأتي بالأماني فقط ﴿ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ النساء: 123 المسألة ليست أمنية ،بل هي في كيفية رفع هذه الإمكانات الدنيوية وشبكها مع الآخرة. وإذا كانت الأمنية عالية بالنسبة للإنسان فسوف تهوّن كثيرا من الأمور على الإنسان وتصبح سهلة ويسيرة.

ذكرنا بالأمس أن أحد السبل والطرق للوصول للآخرة هو أن يكون الإنسان من أصحاب البذل والعطاء والصبر والاحترام . هذه كلها شمائل يقتضيها علوّ الهمة. وقلنا أن المرأة عالية الهمة هي التي تطمح لأن تحشر مع الصديقة الزهراء عليها السلام .

الاحترام هو الخاصية الثانية للمرأة الطيبة: 

الأمر الآخر الذي يعد من خصائص المرأة الطيبة هو الاحترام. وقد نتساءل: لماذا الاحترام ؟

لأن أي شخصين يعيشان مع بعضهما فترة طويلة في مشتركات كثيرة فإن الحفاظ على الإنصاف يعد أمرا ليس بالهيّن، فالشركة عندما تصبح متداخلة تخلق تزاحما، وأول ما يسقط الاحترام، فيعد ذلك غالبا من المحبة، ولكن الأمر ليس صحيحا ولذلك يقول القرآن: ﴿ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ﴾ إبراهيم: 24 كلمة (طيبّة) لا تعني كلمة (حق)؛ لذا يجب أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على الاحترام المتبادل، وعلى انتخاب الكلمات الطيبة. وهذا يحتاج إلى فن وذوق ومهارة، بل هي مسؤولية تربوية على عاتق الأبوين، فيجب أن يكون عند الوالدين قاموس للكلمات التي لا تجرح ولا تؤذي وتقرّب وتحبب وتزيد المودة، ولا تتصوروا أن الكلمة شيء ليس له قيمة فالحروب العالمية قامت بكلمات!

إذن كلما كان الاحتكاك أكثر فإنه من الطبيعي أن يصبح استعمال الكلمات الحقوقية والكلمات الدارجة في شؤون الحياة أكثر، وهذا في الحقيقة يسلب الطيب.

ورد عندنا في الرواية في مجال الاحترام المتبادل (إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها) (3)  فخصائص البيت الطيب والأسرة الطيبة هي أنهم متفقّهون في الدين – ولا نقصد الفقه بمعناه الاصطلاحي الخاص بل الفهم والفطنة في الأمور الدينية والأخلاقيات والآداب – ومن الفقه في الدين الاحترام والرفق، وهم مقتصدون في النفقة، أي أن مصروفاتهم المادية لا تهمهم كثيرا يمشون في الدنيا مشي الكرام. 

لاحظوا كيف تبين الرواية أن من خصائص الأسرة الطيبة ( ووقر صغيرهم كبيرهم ) كم من الجميل أن يتعلم الطفل من صغره أن يسلم على أبيه حين دخوله إلى البيت ويودعه عند خروجه فهذا من المستحبات. قد يرى الناس في ذلك بعض التكل ؛ لكن هذا النوع من الآداب  تعطي للطرفين كرامة. والذي يملك القدرة على  تعليم هذا الفن وإيصال هذا الذوق هو المرأة، و فنّ نشر الطيب هو فنّ الطيبات.

الوصايا الأخلاقية للمرأة في النصوص الدينية تشريع يحكي التكوين:

قلنا بالأمس ونكرر اليوم: ربما يُسأل: لماذا  كانت أكثر الوصايا بالصبر والتحمّل للمرأة دون الرجل ؟ 

ونود الإجابة على ذلك بشيء من التفصيل:

الوصايا للمرأة معنيّ بها الرجل، فكما على المرأة أن تحترم الرجل وتكرمه ووو… فذلك مطلوب من الرجل تماماً، لكن كثرة الوصايا للمرأة ناظرة لأمور أبعد من الواجبات الشرعية والمسائل الفقهية، هي ناظرة إلى تكوين المرأة، أي أن السبب ليس تشريعيا بل هو تكويني.

كثير من الوصايا الفقهية  تكمن روحها  في الحفاظ على مركّب تكوينيّ موجود في المرأة ولنفهم ذلك أكثر نضرب مثالاً:

لو حدث في البيت خلاف أو نزاع أو عدم تفاهم بين المرأة والرجل؛ فمن الذي يتأثّر تكوينا وبطبيعته أكثر ؟ من الذي يتعب ويفكر وربما لا يستطيع النوم أكثر ؟ المرأة بلا شك ! لأن ذلك في تكوين المرأة وطبيعتها.

هذه الروايات ناظرة إلى هذا الجانب التكويني، ولا علاقة له بالتشريع، ولنقل هي روايات تشريعية سيقت حكاية عن التكوين، فهذه الروايات تنظر إلى طبيعة المرأة حيث أن الخلافات تشغل روحها كثيرا وتأخذ حيزا كبيرا من تفكيرها.

كثير من الناس لا يفهم فلسفة الدين ولا بناء الدين، لذا يحس أن هناك تفاوتا في الميزان وفي الوصايا بين الرجل والمرأة. والحال أننا يجب أن ننظر إلى ما وراء هذا الميزان. 

الإسلام في الحقيقة يريد تحقيق منفعة للمرأة فكأنه يقول لها: عند أي خلاف يحدث أطفئي النار بسرعة لكي ترتاحي. لأن المرأة إذا بقيت متأثرة بالخلاف فستبقى روحها مشوشة وتنشغل بأمر (غير طيب) ومن شأن هذا الانشغال أن يصرفها عن الأهم كالعلم والمعرفة والنسك والعبادة، وهذه الأمور تحتاج لهدوء روحي وهدوء نفسي. لأن المرأة بطبيعتها هي أكثر ميلا للنسك وللعبادة وللمناجاة وللانقطاع، وحين تتعامل مع المشاكل بالصبر والتحمل فهي تحصل على الصفاء الروحي ويحدث لها إقبال على النسك أكثر لأنها  بذلك أغلقت بابا لمشاغل تصرفها عما يجب أن يشغلها فعلا.

الإسلام دين من مبادئه أن أي أمر يزاحم العبادة يجب أن يحذف، وأي باب يشوش حالة التقوى يجب أن يغلق. وحتى تبقى المرأة طيبة وعطرة، وحتى تبقى (ريحانة وليست بقهرمانة)(4) يجب أن تغلق هذا الباب لأنها من يتأثر بفتحه؛ لذا فإن الإسلام يعطيها وصايا أكثر لمصلحتها وليس لمصلحة الرجل. و هذه الوصايا ليست وصايا تشريعية بل هي وصايا تكوينية، أو قولوا تشريع يحكي باطن التكوين.

ومن الشواهد القرآنية التي تبين بعض الخصوصيات التكوينية للمرأة يحكي القرآن عن زوج نبي الله إبراهيم (ع) عندما جاءته الملائكة في صورة بشر تقول الآية ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ ﴾ هود: 71 قائمة لأن المرأة حتى لو كان الضيوف لزوجها فهي تهتم أن تكون الضيافة على أحسن وجه، فتظل قائمة مشرفة على الضيافة، وهذا اللطف موجود في المرأة، والسماء تعترف لها به، والقرآن يعتبرها فضيلة، و يمتدحها جدا.

الطيبات للطيبين في مصداقها الأكمل:

هناك خصوصية في زواج الصديقة والأمير (ع) ليست موجودة في أي زواج وقع على وجه الأرض ولا يمكن أن توجد. وسنبين هذا :

قلنا في المقدّمة أنّ الطيب ليس مثل الحق، الطيب ذو مراتب، يعني مسألة مشكّكة. في الحق هناك حق أو باطل، أسود أو أبيض، لكن في عالم الطيب والعطر هناك عطر طيب وهناك عطر أطيب بمراتب لا تنتهي. خاصية الطيب أن لا نهاية له لأن هذا الحس هو حس واسع جدا.

( الطيّبات للطيبّين ) أكمل مصداق لها الصديقة الزهراء وأمير المؤمنين (ع) لماذا؟ لأن الطيّب حتى تنسبه للطيّبة يجب أن يكون هناك تساوٍ وتكافؤ في رائحة هذا الطيب، في جماله. لولا علي لما كان هناك كفؤ للزهراء عليها السلام.

 إذا كانت الزهراء (ع) في أعلى درجات العصمة فسيتشعّب عنها الطيب في الوظائف الجسدية البدنية، وفي الوظائف العقلية . وكلما تصورنا طيبا وكمالا للصديقة الزهراء فهو موجود وبنفس النسبة والدرجة عند علي عليه السلام.

القرآن يخبرنا قصة هل أتى، ومن ضمن الإشارات الكثيرة في السورة أنها تشير إلى أن عمل هؤلاء الجماعة في هذا البيت عمل متساو.ٍ فالزهراء (ع) صامت وأمير المؤمنين صام، هي (ع) نذرت وهو (ع) نذر. وقبل الله نذرهم بنفس النسبة والدرجة. فلو كان هناك تفاوت في الدرجة لكان في النية أو في تنفيذ العمل أو في تأثير العمل.. لكن الله سبحانه وتعالى ينقل العمل وكأنه صدر من روح واحدة، وهذا يعني أن هناك حالة تمازج وتساو واتحاد في كل شيء.

 حين يكون هناك تفاوت بين المرأة والرجل في أي جانب فلابدّ أن يصبح في العلاقة نوع من الإكراه أي المجاملة والمجاراة من الطرف الأعلى للطرف الأدون، لذا فقول الأمير عن الصديقة الزهراء بما مضمونه والله ما أكرهتني على شيء معناه أنني لا أرى شيئا يصدر منها إلا وهو منسجم معي تماما، فمواقفهم السياسية واحدة، ومواقفهم العقائدية واحدة، نواياهم بدرجة واحدة. لذا فإن المصداق الأكمل للآية ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾ أي الزوجان المتجانسان تماما الذي لم يكره أي طرف الآخر على شيء  هما علي وفاطمة .

نعم لاشك أن للزهراء تجليات وأعمال معينة لا يستطيع علي عليه السلام القيام بها، والأمير له تجليات وأعمال تناسبه لا تقوم بها الزهراء. مثلا الصديقة الزهراء هي أم الحسنين، وفيها خصوصية الأمومة. والأمومة بمشاقها وتضحياتها الخاصة غير موجودة عند الأمير (ع) . وبالمقابل هناك تجل وظهور ثان لأمير المؤمنين (ع) في سوح الجهاد لا يوجد عند الزهراء (ع) .

الطيبات للطيبين في علي والصديقة (ع) تحكي طيبا بلا إكراه، جاذبية بلا إكراه ومشقّة، وهذا التكامل سعى له رسول الله منذ لحظات ولادة أمير المؤمنين وولادة الزهراء عليهما السلام، حيث هو من رباهما، آخذا بعين الاعتبار تحقيق هذه الكفاءة. فرباهما بحيث طابقا تماما وحي الله سبحانه وتعالى، وعندما طابق طيبهما الوحي نكح الطيّبة للطيّب. لذلك استحقت هذه الأسرة أن تكون هي النواة الأولى التي يبني عليها رسول الله الدولة الواقعية.

لقد اعتنى رسول الله بكل ما صدر عن هذا البيت. فحين ولد الإمام الحسن عليه السلام تولى الرسول تسميته والأذان في أذنه ولون قماطه وفي كل التفاصيل، والسبب: حتى يبقى يغذي بالوحي وبالنبوة هذا التكافؤ وهذا التكامل فتكون هذه العائلة هي المصداق الكامل للطيبات والطيبين .

 هذا الاقتران والتركيب وهذه الثمرةهي من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية وعلى الإنسانية وعلى الشيعة بشكل خاص. وقد ورد عندنا في الروايات ما مضمونه أن رسول الله (ص) بعد أن أمهر الصديقة الزهراء بمهرها ما قبلت به، وقالت: بنات الملوك يمهرون بالأموال . فقال لها رسول الله (ص): وأنت أي شيء تريدين مهرك؟ فنزل جبريل (عليه السلام)، و معه رقعة من حرير مكتوب عليها: جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أمة أبيها . وهذا أفضل طيب ينتشر في ساح المحشر من هذا العقد والاقتران المقدس.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا في الدنيا معرفتهم ومحبتهم وفي الآخرة شفاعتهم وصلى الله على محمد وآل محمد .


1. قال رسول الله صلى صلى الله عليه وآله ( ان ابنيّ هذين ريحانتاي من الدنيا ) أصول الكافي 1/463 

2. عوالي الآلي 4/72

3. كنز العمال 10/230

4. الكافي 5/510

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 134٬179 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيف الطريق إليه (عج)؟ 5 (1)

إن من الدقة أن نقول إن الطريق للإمام (عج) هو أن تربط نفسك بمشروعه، أما الذهاب لجمكران والسهلة والقيام بأعمال أربعينية فهذه مسائل ثانوية، وليست هي الأصل وإن كانت مهمة ومعينة وثمة حاجة لها للارتباط بالإمام (عج).

جهاد السيدة زينب ﴿؏﴾ وأخلاقيات الصراع بين الحق والباطل 0 (0)

﷽ توطئة  مما لا شك فيه أن الصراع بين الحق والباطل ولد مع ولادة الإنسان؛ وذلك لاختلاف الناس في القوى والصفات والأفعال، وأن سلسلة هذا الصراع لم تبدأ بنزول آدم ﴿؏﴾ إلى الأرض  حاملًا في أصل جينات وجوده العداوة لإبليس، وكذا إبليس أيضًا؛ بل كانت في عالم الأصل منذ الخلقة...

مقام المنصورة في السماء 0 (0)

﷽ وأفضل الصلاة والسلام على خير الأنام المصطفى ﷺ وعترة الطاهرة ﴿؏﴾ أبارك لرسول الله ﷺ ولآل بيته ﴿؏﴾، ولمراجعنا العظام والأمة الإسلامية، المولد الأطهر للصدّيقة الطاهرة ﴿؏﴾، ويوم المرأة العالمي، ولا يفوتنا هنا أن نبارك بالتبع ميلاد ابنها بالحقّ مفجر الثورة الإسلامية...