في الزهراء لا تتعدّد القراءات
وكما أن القرآن وجود إلهي كامل لم يخالطه حرف أرضي، ومقصده واحد لا يتعدّد؛ كذلك وجود الزهراء (ع) سماوي، ولاتتعدد فيها القراءات، ومن هنا لا يُعذر في رضاها وسخطها وحبها وبغضها أحد، ولامعنى أن نلتمس عذرا لمن أغضبها.
وكما أن القرآن وجود إلهي كامل لم يخالطه حرف أرضي، ومقصده واحد لا يتعدّد؛ كذلك وجود الزهراء (ع) سماوي، ولاتتعدد فيها القراءات، ومن هنا لا يُعذر في رضاها وسخطها وحبها وبغضها أحد، ولامعنى أن نلتمس عذرا لمن أغضبها.
إن حياء فاطمة عليها السلام من الله نابع من معرفتها بمقام الله سبحانه وتعالى أولاً، ورؤيتها أنها بمحضر الله ثانياً، ولذا فهي شديدة الحياء منه فهي لا تقارن صبرها بصبر الناس، فالطرف الثاني الذي تراه ليس الناس بل الله لا تقارن رحمتها برحمة الناس، فإن المطلع على نقصها أمام رحمته هو الله وكذلك عطفها وسائر فضائلها.
عادة في الشؤون السياسية والاجتماعية إذا اجتمع في قضية واحدة رجال ونساء فمن المتبادر الطبيعي أن يتولى الرجال الدور الأصعب والأشق، خصوصا إذا كانوا من أسرة واحدة وقضيتهم واحدة - على الأقل في الثقافة الدينية ومذاق المتشرعين - و الفارق الجنسي بين المرأة والرجل يؤكد ذلك. فلماذا هنا ينعكس الأمر لتتولى الزهراء الدور الأصعب؟
يمكن للمرأة أن تشكل حصانة عفة وأدب، وأن تكون قوة رادعة وفاعلة في المجتمع، وليست منفعلة فقط. وتكون سداً مانعاً لكل ما يهدم الآداب والأخلاق والسلوك الراقي الاجتماعي، ويمكنها بذلك أن تحقق الأمان الاجتماعي.
فلو افترضنا أن كل امرأة هي حَصان عن الرجال فسيعيش المجتمع أماناً في البيت، وفي الشارع، وفي السوق، وفي العالم الافتراضي أيضا؛ لأن الرجال سوف يواجهون حصوناً منيعة قوية يصعب تجاوزها. وما انهيار المجتمعات أخلاقياً؛ بل حتى سياسياً إلا بسبب وجود امرأة تفقد هذه الملَكة القيّمة فتسلب المجتمع أمانه واعتداله وبالتالي عدالته وقدسيته.
وللأنثى – كما هو معلوم – جاذبية خاصة للذكَر، فالأب يتعلق بابنته بنحو خاص يختلف عن تعلقه بالأبناء الذكور، وهو مقتضى الطبيعة ويدعمه الدليل العرفاني، ومن جهة أخرى – وفيما يخص النبي والزهراء (ع) – فإن امتداد وجود النبي وسعته لا يحدث إلا بأنثى تحمل جينه وتكون روحه التي بين جنبيه، تلك الروح المتكاملة المتصلة بعوالم الأسرار.
إذن فقد حازت الزهراء (ع) على السيادة في بعد الملك والملكوت، فملأت قلوب الأمّة في البعد الروحي والمعنوي، والبعد الإصلاحي على السواء، فكانت مظهرًا روحيًا صافيًا من جهة، ونموذجًا لمقارعة الظلم وإلقاء الحجة وخدمة الدين من جهة أخرى.