حينما نجد أنفسنا في الزهراء (ع)
هذا البعد الوجداني عند الإنسان، وهذا الباعث الطبيعي للبحث عن نفسه وجهه اللسان الديني نحو مركز أساسي وقال لنا أن الزهراء (ع) هي ليلة القدر، هي المرآة الشفافة التي تكشف للإنسان نفسه وسعادته وقدره وحجمه ورزقه الواقعي.
هذا البعد الوجداني عند الإنسان، وهذا الباعث الطبيعي للبحث عن نفسه وجهه اللسان الديني نحو مركز أساسي وقال لنا أن الزهراء (ع) هي ليلة القدر، هي المرآة الشفافة التي تكشف للإنسان نفسه وسعادته وقدره وحجمه ورزقه الواقعي.
النبيّ (ص) جعل فاطمة (ع) محورًا ومدارًا ومعيارًا ومعلمًا واقعيًّا لانتخاب الدور والعمل القيميّ الذي ينطوي على المصالح الواقعيّة. وما أحوج المرأة التي تبحث هنا وهناك، في القديم والحديث، وفي الواقع والطموح، وبين المدارس والمناهج المختلفة المتضاربة والمتلاطمة، وفي أقوال وآراء ووصايا المفكّرين والباحثين والاجتماعيّين والفلاسفة عن معيار ومدار يصون مسارها من اتباع المفاسد وتضييع المصالح... أقول ما أحوجها إلى محور وقطب تدور عليه، ومنطلق يحدّد لها طبيعة مسارها.
إذا تأملنا في مواقف الصديقة الزهراء عليها السلام مقايسة بما أنزل القرآن في شأنها، مما توافق عليه الفريقان وجدناها كأبيها.. شاهدة ومبشرة وداعية لله بإذنه وسراجا منيرا(١)....،لا يخطأ ولا يعثر من عرف قدرها.
إن الصديقة (؏) لم تكن تعطي هذه الامة أكلاً مادياً فقط.. بل كانت فروعها سماوية، لم يكن ثمراً يغذي أبدانهم، لأن الغذاء المادي العنصري لا يحيي القلوب مالم يكن قوتاً مقترناً بغذاء الروح أيضاً، ولا يكون وقوداً للنفوس الطاهرة؛ لأنه لا يسانخها، ولا يهيج الهمم، بل يثقلها.
إنها سلام الله عليها كانت تطعم الهمم الميتة كما ينفخ عيسى (؏) في الطين فيكون طيراً بإذن الله ..
كانت تعطي صنوف الأكل من صبرها، ومن همم أبنائها وفلذة أكبادها شباباً وشيوخاً ونساءً وفتيةً وفتياتٍ ورضّع.. بنحو الإفاضات الوجودية.
كل أهل البيت (ع) ماتوا ظلما إما سمّا أو قتلاً، وإنما كان لهم أنصار وأتباع ومحبين بحقّ؛ لأنهم بذلوا أنفسهم في مرضاة الله، ورأى منهم المؤمنون حقّ الجهاد في ذات الله. وقد جاء في الزيارة الجامعة (وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فى مَرْضاتِهِ)، وهذا - وإن كان يشمل كل أهل البيت عليهم السلام - لكنه في شأن الزهراء أمضّ وأوجع.
يجب علينا أن نحدد نقطة اختلاف الرؤية ونعمل على أن ننتج أصولا معرفية نبرزها لإثبات هويتنا وذلك من أجل صلاحنا، لا من أجل الدفاع عن أنفسنا؛ إذ أننا- وبحسب هذه المقدمات- ربحنا الرهان بولادة الصديقة الطاهرة (ع)، وأخذنا جائزة الربح علميًا وعمليًا في الدّنيا، وسعدنا في الدنيا والآخرة