تقدم القراءة:

الزهراء قطب خلوات النبي وآله

5 يناير، 2017

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)

ورد في بعض الروايات أن شهادة الزهراء عليها السلام كانت في مثل هذا اليوم، وتبركا وتوسلا بها وبأبيها وبعلها وبنيها نشرح هذه الرواية ونسلط الضوء على بعض ماجاء فيها:

جاء في كتاب الصراط المستقيم في حق من يستحق التقديم ” أن النبي صلى الله عليه وآله دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وقال – لمن في بيته – : أخرجوا عني. وقال – لأم سلمة – : كوني على الباب فلا يقربه أحد.
ثم قال لعلي: أُدنُ مني، فدنا منه فأخذ بيد فاطمة فوضعها على صدره طويلاً وأخذ بيد عليّ بيده الأخرى، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام غلبته عبرته، فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة بكاءً شديداً وبكى عليّ والحسن والحسين عليهم السلام لبكاء رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة: يا رسول الله قد قطعت قلبي، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين، ويا أمين ربه ورسوله، ويا حبيبه ونبيّه مَن لولدي بعدك؟ ولذُلٍّ ينزل بي بعدك؟ مَن لعليّ أخيك وناصر الدين؟ من لوحي الله وأمره؟

ثم بكت وأكبَّت على وجهه فقبلته، وأكبَّ عليه عليّ والحسن والحسين عليهم السلام فرفع رأسه صلى الله عليه وآله إليهم، ويد فاطمة في يده فوضعها في يد عليّ وقال له: يا أبا الحسن وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنك لفاعل هذا. يا عليّ هذه – والله – سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين، هذه – والله – مريم الكبرى. أما – والله – ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته. يا عليّ أنفذ ما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل. واعلم يا عليّ أني راضٍ عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي وملائكته.
يا عليّ: ويل لمن ظلمها، ويل لمن ابتزّها حقها، وويل لمن هتك حرمتها.. ثم ضمّ صلى الله عليه وآله فاطمة إليه وقبّل رأسها وقال: فداك أبوك يا فاطمة.

خلوات النبي بالله وبأطهر خلق الله

من الملفت أن النبي دعا بالأربعة المعصومين وأخرج من في البيت. هناك حالات خلوة للنبي مع الله سبحانه وتعالى، وهناك خلوة للنبي مع من هم أطهر من على وجه الأرض كما حدث في حادثة الكساء. 

وفي هذه الرواية هناك خلوة بهم عليهم السلام أيضا، ولكن هذه الخلوة ذات أبعاد سياسية.

وفي مقارنة بين خلوة النبي بأهل بيته في حادثة الكساء وبين هذه الخلوة بهم قبيل وفاته يمكن أن نقول: إن الخلوة في حادثة الكساء خلوة مقاميّة، وخلوة للتطهير عما عدى الله، والخلوة قبيل وفاته كانت خلوة سياسية.

محورية الزهراء (ع)

في كلا الخلوتين كانت الزهراء هي المحور، ففي حادثة الكساء حين سأل جبرائيل الله سبحانه وتعالى ومن تحت الكساء؟ قال ” هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها “ و هنا أيضا نجد أن المحور أيضا هي فاطمة (ع) فهي التي ستتصدى لإدارة الظرف والأحداث.

لاحظوا هذا التركيز في قول النبي (ص) : ” يا عليّ أنفذ ما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل “ من ذا يأمر عليا عليه السلام؟! إنها فاطمة!

لماذا ؟

 من تتمة الرواية نعرف أن كل حلقة من حلقات سير الدنيا والآخرة والتاريخ والحاضر والماضي والنجاة والهلاك تدور بحسب القرب من نقطة المركز فاطمة ليس على صعيد أخلاقي فقط، بل في الدور الاجتماعي والسياسي.

الحركة الفاطمية مشروع أجيال

بعد أن بين رسول الله (ص) أن محور رضاء الله رضاها وهو يعلم أنه لن يتخلف هؤلاء الأربعة عن رضاها، بل حتى الإمام الحسين (ع) في كربلاء يبرر أن علة عدم بيعته ليزيد هو عدم رضا الزهراء بذلك ” يأبى الله لنا ذلك ورسوله وحجور طابت وطهرت “، فلكي يؤكد على محورية دور الزهراء ووجوب بناء الموقف الاجتماعي والسياسي دائما وأبدا على رضاها. ذلك لأن الأجيال القادمة هي مشاريع لحركة فاطمية، فإن ذلك أقوى حجة واقتدارا وعزيمة، لأن الاقتدار والعزيمة والهمة العالية تبنى لبنة لبنة بوجود النموذج الخارجي. ومن مثل بنت النبي نموذج للأمة إذا أرادت رضا الله؟!

فاطمة والدور الأصعب

عادة في الشؤون السياسية والاجتماعية إذا اجتمع في قضية واحدة رجال ونساء فمن المتبادر الطبيعي أن يتولى الرجال الدور الأصعب والأشق، خصوصا إذا كانوا من أسرة واحدة وقضيتهم واحدة – على الأقل في الثقافة الدينية ومذاق المتشرعين – و الفارق الجنسي بين المرأة والرجل يؤكد ذلك. فلماذا هنا ينعكس الأمر لتتولى الزهراء الدور الأصعب؟

هذا يرجع إلى خصوصية في الزهراء سلام الله عليها، وهذا الدور ليس معركة عسكرية ومواجهة جهادية بالمعنى الخاص بل معركة بين دين ودنيا، طهر ورجاسة، زهد مطلق وانكباب على المقامات، معركة بين حفظ مواريث النبوة وطمس بقايا النبي الخاتم . والزهراء في هذا الموقع هي الأكثر تأثيراً، وهي التي تلقي الحجة الكاملة.

ولأنها كذلك فقد تحملت مالا تتحمله امرأة أبداً إلى أن آلت  الأمور إلى أن تفرد الزهراء – بأبي هي وأمي – وتستوحد، وكلما سعت (ع) في هدايتهم أكثر سعوا في طمس الحقيقة أكثر.

لا ينقل لنا التاريخ أبداً اعتداء على بيوت بني هاشم حتى في أيام الجاهلية، بل حتى الطغاة والجبابرة الكفرة لم يقوموا بذلك، فحين أراد أبرهة هدم الكعبة أخرج عبد المطلب نساء بني هاشم وأطفالهم وخرجت معهم قريش إلى رؤوس الجبال. ولكن الزهراء لم تلذ إلى جبل يعصمها من ظلم القوم بل لاذت بحجابها وسترها.

ألا لعنة الله على الظالمين

‫‬

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 134٬405 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيف الطريق إليه (عج)؟ 5 (1)

إن من الدقة أن نقول إن الطريق للإمام (عج) هو أن تربط نفسك بمشروعه، أما الذهاب لجمكران والسهلة والقيام بأعمال أربعينية فهذه مسائل ثانوية، وليست هي الأصل وإن كانت مهمة ومعينة وثمة حاجة لها للارتباط بالإمام (عج).

جهاد السيدة زينب ﴿؏﴾ وأخلاقيات الصراع بين الحق والباطل 0 (0)

﷽ توطئة  مما لا شك فيه أن الصراع بين الحق والباطل ولد مع ولادة الإنسان؛ وذلك لاختلاف الناس في القوى والصفات والأفعال، وأن سلسلة هذا الصراع لم تبدأ بنزول آدم ﴿؏﴾ إلى الأرض  حاملًا في أصل جينات وجوده العداوة لإبليس، وكذا إبليس أيضًا؛ بل كانت في عالم الأصل منذ الخلقة...

مقام المنصورة في السماء 0 (0)

﷽ وأفضل الصلاة والسلام على خير الأنام المصطفى ﷺ وعترة الطاهرة ﴿؏﴾ أبارك لرسول الله ﷺ ولآل بيته ﴿؏﴾، ولمراجعنا العظام والأمة الإسلامية، المولد الأطهر للصدّيقة الطاهرة ﴿؏﴾، ويوم المرأة العالمي، ولا يفوتنا هنا أن نبارك بالتبع ميلاد ابنها بالحقّ مفجر الثورة الإسلامية...