تقدم القراءة:

بحث حول الإمام المهدي (عج) للشهيد الصدر.. ما قدم وما ترك..

30 مارس، 2021

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)

والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
لرسول الله m والأئمة المعصومين ب، مراجعنا بشكل عام، السيّد القائد حفظه الله، المؤمنين الأخوات المؤمنات أجمل التهاني والتبريكات بذكرى ميلاد الإمام المهدي (عج).

 

توطئة

أهم قضية إيمانية في كل الديانات الإلهية هي الإيمان بالغيب، وتتفرع عليها كل القضايا بلا استثناء؛ عبادية كانت أو عملية أو كلامية أو أخلاقية.
أما في مسألة الإمام المهدي ﴿عج﴾ بالخصوص؛ فإن الإيمان بها على وجه خاص ينطلق من زاوية الإيمان بالغيب ويرتكز عليها، ومن يشكك في هذه القضية فإن تشكيكه يرجع إما لموضوع ما هو الإيمان بالغيب؟ أو كيف هو الإيمان بالغيب؟
وقد عدّ البعض أن الافتراق والاختلاف حول قضية الإمام ﴿عج﴾ سببًا ومبررًا لنفي وجوده الشريف، وكما هو معلوم أن هذا المنطق خلافًا للقاعدة العقلية والتي تقرّ إلى أن أيّ قضية ممكنة عقلًا لا يعدّ الاختلاف في موضوعها مستلزمًا لعدمها، ولو جرينا على هذا المنطق لما قامت عقيدة، ولا ثبت دين، ولا استقام شأن من الشؤون؛ فالاختلاف قائم دائم في العقائد، وفي التواريخ، والشخصيات، والحوادث الواقعة، كما في الفروع وسائر الأمور.

 

تنوع المناهج في معالجة قضية الإمام المهدي ﴿عج﴾

حيث أن هناك تنوع في المناهج والدراسات التي كُتبت لإثبات ضرورة الإيمان بقضية الإمام المهدي ﴿عج﴾، وكلها اعتمدت على دراسات ما بعدية لمقدمات كلها تتكأ في أساسها على التصديق لما جاء به القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة.
وقد اختلفت المناهج في إثبات وجوده الشريف ﴿عج﴾ أو في إثبات امتداد حياته بعد وجوده المبارك.

١. المنهج النقلي:

وقد أثبتت بعض هذه الدراسات أن مسألة الإمام المهدي ﴿عج﴾ وصل فيها الدليل لحدّ التواتر اللفظي والمعنوي، وأن التشكيك فيها بعد كل هذه النصوص يُعدّ تشكيكًا في أصل الدّين ومعطياته القطعية، وأما ما قد أُثير من الشكوك المعنوية فقد أجاب عليه الباحثون كالأستاذ ثامر هاشم العميدي في كتابه الموسوم بالدفاع عن الكافي، وهنا يلزم أن ننبري أيضًا إلى أمرٍ هو في غاية الأهمية ذكره العلّامة محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن قائلًا:

“إنّ مجتهدي الشيعة لا يسوّغون نسبة أيّ رأي يكون وليد الاجتهاد إلى المذهب ككل، سواءً كان في الفقه أم الأصول أم الحديث، بل يتحمل كل مجتهدٍ مسؤولية رأيه الخاص. نعم ما كان من ضروريات المذهب يصحّ نسبته”.

ومن هنا يكون من المجازفة في القول تعميم الرأي الاجتهادي أو إبداء وجهة نظر معينة، وحتى لو اعتمد نظرية أو فكرة، فإنه لا يصحّ تحميل المذهب أو الطائفة ذلك، بل يكون من المنطقي نسبة الرأي إليه، وتحميله رأيه، وكذلك يشترط الرجوع إلى ما أصلّه العلماء من المفاهيم والآراء بالرجوع إلى المصادر الأصلية والأساسية لديهم.

٢. المنهج العقلي: أو منهج الشهيد الصدّر

لقد بدأ الشهيد الصدر انطلاقته في هذه المسألة من حيث انتهى السابقون عليه؛ أي بعد إثباتهم لقضية وجود الإمام المهدي ﴿عج﴾ معتمدين في ذلك على التفاسير وتطبيق الآيات القرآنية الشريفة على الإمام المهدي ﴿عج﴾ بكونه المصداق الأتم لها من جانب، كما اعتمدوا على ما صحّ لدينا من الروايات المتواترة في إثبات ولادته الشريفة. وعليه سنتناول هنا منهج الشهيد الصدّر – رضوان الله عليه – ومحاولته لعلاج مسألة الإمام المهدي ﴿عج﴾ على أنه منسوب له.

 

منهج الشهيد الصدر في معالجة مسألة الإمام المهدي ﴿عج﴾

أما الشهيد الصدر رضوان الله عليه فقد سلك مسلكًا آخرًا مغاير لما سلكه سواه:

أولًا: بدأ بحل إشكالية وامكانية وجوده المبارك ﴿عج﴾، ولم يتعرض لهذا المعتقد بكونه فكرة وأمل يداعب الشعوب المتهالكة سيما المستضعفة، ليجد فيها مستراحًا وملاذًا تخلصه من حالة التوتر النفسي عندما تشتد وتتعاظم المحن كما يزعم بعض الباحثين؛ وإنما بكون المهدي ﴿؏ج﴾ متجسدًا في إنسان معروف وموصوف من نسل علي وفاطمة س، حيّ يعيش بين الناس ويشاركهم همومهم وآلامهم ، في حالة المضطر الذي يترقب كما هم يترقبون وينتظرون ساعة الفرج وذلك اليوم الموعود.

ثانيًا: علاوة على ذلك فإن الشهيد الصدّر رضوان الله عليه لا يكتفي بذلك بل يُناقش المسائل العقلانية ويطرح الأسئلة التي يثيرها العقل ويتعقب الإشكالات الواردة عليه الواحدة تلو الآخر، سواءً وجد -خارجًا- من يصرّح بها أو لم يوجد. فتراها رحلة عقلية ممتعة ومحكمة جاءت بترتيب منطقي، وكل جواب فيها يعدّ ويهيأ لسؤل آخر لاحق، تترابط النتائج لتشّكل عقدًا منضودًا نيرًا مشرقًا ومسلطًا الضوء على العقيدة بالإمام المهدي ﴿عج﴾.

ثالثًا: من أهم القضايا التي عالجها الشهيد الصدّر رضوان الله عليه هي إمكانية استمرار وجوده المبارك، وثبوت ذلك، وباعتباره فيلسوفًا طوّع مفردة (الإمكان) بكل صورها ليثبت عدم الاستحالة في امتداد عمر الإمام المبارك ﴿عج﴾ منذ ولادته إلى الغيبة الكبرى وصولًا إلى يومنا هذا وحتى الظهور المقدس، مبرهنًا القضية بالإمكان المنطقي أو الفلسفي، وبالإمكان العلمي والعملي، فبعد أن أبانها والمقصود منها، أثبت إن امتداد عمر الإنسان لآلاف السنين ممكن منطقيًا كونه لا يدخل ضمن قضايا المحالات العقلية وهي اجتماع النقيضين.
وكما هو ممكن علميًا فلا يوجد ما يبرر رفضه من الناحية النظرية؛ وأما إمكانه العملي فإن التجربة البشرية ذاهبة باتجاه إطالة عمر الانسان، ومحاولة تعطيل الشيخوخة.
نعم هناك إشارة إلى نقطة مهمة؛ وهي أن قضية الإمام المهدي ﴿عج﴾ قد سبقت العلم نفسه، فأصبح واستحال الإمكان العلمي إلى إمكان عملي.

وهكذا عالج الشهيد الصدّر رضوان الله عليه المنهج التشكيكي ولم يبقِ له ولأصحابه حجة ولا برهان، ولا سنداً علميّاً أو منطقيًا يتعكزون عليه في دعواهم، نعم تبقى هناك فرضيات واحتمالات وظنون وأوهام، وكلها افتراضات لا تصمد أمام الأدلة والبراهين المتينة.
كما حاول -قدس الله سره- الإجابة في هذه الوجيزة التي كتبها وإيضاح الغاية من الغيبة وهي من المسائل المهمة التي تضمنتها الوجيزة المختصرة جدًا.

وهنا نختم بالقول: إن ما قدّمه الشهيد الصدّر رضوان الله عليه حول هذه المسألة والإجابة على هذا السؤال المُلّح عند المتطلعين للإمام ﴿عج﴾ بالعموم، وعند الشباب خاصة فكما يبدو لم يكن همّه والغاية لديه الإجابة وبشكل مفصّل عن هذه المسألة، كون الإجابة -وكما هو معلوم- تستلزم لتظافر الجهود الضخمة من أصحاب التخصصات في التفسير والعرفان وعلم الاجتماع والسنن الإلهية والتاريخية.
ومعلوم لو أن الشهيد الصدّر -رضوان الله عليه- أراد التصدي للإجابة عليه بشكل كامل لقدّم جوابًا يسقط كل الشبهات حول الغاية من غيبته الشريفة ﴿عج﴾ لكن العمر لم يمتد به لذلك.

فرحم الله الشهيد الصدّر حيًا وشاهدًا وشهيدًا وعالمًا وعارفًا وفيلسوفًا ومفكرًا ومتألهًا كما أفادنا من علمه.

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 134٬359 زائر

1 تعليق

  1. ليبى صالح

    بارك الله جهودكم

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيف الطريق إليه (عج)؟ 5 (1)

إن من الدقة أن نقول إن الطريق للإمام (عج) هو أن تربط نفسك بمشروعه، أما الذهاب لجمكران والسهلة والقيام بأعمال أربعينية فهذه مسائل ثانوية، وليست هي الأصل وإن كانت مهمة ومعينة وثمة حاجة لها للارتباط بالإمام (عج).

جهاد السيدة زينب ﴿؏﴾ وأخلاقيات الصراع بين الحق والباطل 0 (0)

﷽ توطئة  مما لا شك فيه أن الصراع بين الحق والباطل ولد مع ولادة الإنسان؛ وذلك لاختلاف الناس في القوى والصفات والأفعال، وأن سلسلة هذا الصراع لم تبدأ بنزول آدم ﴿؏﴾ إلى الأرض  حاملًا في أصل جينات وجوده العداوة لإبليس، وكذا إبليس أيضًا؛ بل كانت في عالم الأصل منذ الخلقة...

مقام المنصورة في السماء 0 (0)

﷽ وأفضل الصلاة والسلام على خير الأنام المصطفى ﷺ وعترة الطاهرة ﴿؏﴾ أبارك لرسول الله ﷺ ولآل بيته ﴿؏﴾، ولمراجعنا العظام والأمة الإسلامية، المولد الأطهر للصدّيقة الطاهرة ﴿؏﴾، ويوم المرأة العالمي، ولا يفوتنا هنا أن نبارك بالتبع ميلاد ابنها بالحقّ مفجر الثورة الإسلامية...