تقدم القراءة:

فرحتان للصائم -١

الأربعاء 9 رمضان 1442هـ 21-4-2021م

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

4.3
(4)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد m وآل بيته الطيبين الطاهرين.

أبارك لبناتي وأخواتي المؤمنات الفاضلات والأمة جمعاء، مراجعنا بشكل عام، قائد الأمة الإسلامية حفظه الله حلول شهر الله المبارك بالمغفرة والرحمة والعطايا الجزيلة في الدنيا والآخرة، وأشكر الله لي ولكم عما خصنا من معرفة فضل هذا الشهر الكريم ومعرفة آثاره وقيمته؛ فهي نعمة عظمى خصّ الله ﷻ بها نبيه الأكرم m وآله الطيبين.

فما هي النتيجة المتوخاة التي نخرج بها من هذا الشهر الكريم؟

 

توطئة

العاقل هو الذي يعرف الأمور بغاياتها، وقبل القيام بأي عمل هو يعرف غاية الطريق قبل سلوكه.

ولا شكّ أن هناك أمور كثيرة متوخاة في هذا الشهر الكريم وغايات، وليس حديثنا بصدد حصر غايات الصيام أو شهر رمضان المبارك الكثيرة، فهي من نعم الله ﷻ التي لا تُعدّ ولا تُحصى، لكننا سنقصر الحديث عن إحدى تلك الغايات -من باب الإضاءة والإشارة- والتي نص عليها أهل البيت ﴿؏﴾، لأننا إذا عرفنا الغاية سنسعى إليها.

جاء في كتاب خصال الشيعة وكتاب من لا يحضره الفقيه وفي آمالي الطوسي وفي أصول الكافي: عن الإمام الصادق ﴿؏﴾: “للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه”.

في البدء نقول: مما لا شك فيه أن الفرح بذاته ليس مذمومًا على إطلاقه؛ بل هو أمر محبب ومطلوب من قبل الإنسان العاقل، فالفرح في واقعه عطية من عطايا الله ﷻ للنفس البشرية. وحالة الفرح -كما الحزن- قد تكون محمودة في مورد ما ومذمومة في مورد آخر.

كما أن علماء النفس والاجتماع والعرفان وغيرهم تناولوا حالة الفرح كظاهرة إنسانية مهمة جدًا، وإلى جانب ذلك فهو أيضًا عنوان مهم في ثقافتنا الدينية؛ لذا يلزم أن نؤصل لهذه الحالة النفسية والروحية والإدراكية عند الإنسان من خلال آيات القرآن الكريم والروايات الشريفة.

وبالإجمال كي نفهم هذه الرواية نقول: أن الفرح حسب متعلقه؛ فقد يكون مذمومًا إذا تعلق بأمر مذموم، ولكنه إذا تعلق بالعطاء الإلهي، فلا شكّ هو أنس ما بعده أنس، لأن منبع هذا الأنس هو عطية الله ﷻ أعظم العظماء.

 

الفرح المذموم

يقول ﷻ في ذم بعض الأقوام وذم أفعالهم ويبرر هذا الذم كونهم كانوا يفرحون بغير الحق، فهذا النحو من الفرح في الأرض بغير الحق سبب للتكبر والاستعلاء والغرور والتكاثر ويتولد عنه الكثير من السلوكيات والتصرفات والمظاهر الفردية والاجتماعية التي تجعل الإنسان يروج للباطل، يقول ﷻ: ﴿ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ غافر: ٧٥، فهذا فرح باطل تتولد عنه سلوكيات ومظاهر فردية واجتماعية، ورويدًا تتوسع هذه الظاهرة الوهمية من الفرح، وتتوسع بناءًا عليها تلك المظاهر السلبية.

ونضرب هنا أنموذجًا لحالة من الفرح التي قد تخلق الغرور في النفس وتقضي على حسّ العبودية لدى الإنسان وهي (التكاثر)، فالإنسان إذا ما فرح بنفسه ونتاجه، فهذا قد يقضي على حسّ العبودية في نفسه، ويظن أن ما بلغه من مكانة أو نتاج هو منه(١) وليس من الله ﷻ

فهذا النحو من الفرح مذموم، يقول ﷻ: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ القصص: ٧٦.

ويقول ﷻ: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ الرعد: ٢٦.

ونحن نجد ذلك جليًا في المنصات الاجتماعية (السوشال ميديا)، فكل من يمتلك حسابًا يتابعه من خلاله الآلاف من المشاهدين يحدث له حالة من الزهو، والتكاثر يسبب له غرور قد يقضي على حسّ العبودية لديه.

ومن العجيب أن يفرح الناس بـ (التكاثر) بأمور تافهة، كعدد المتتبعين والمشاهدين والحضور في مجلس ما، إذ أن هذا هو سلاح الشيطان الأكبر!  ولذلك فإن معرفة هذا الحبل الذي يمدّه الشيطان الأكبر لكي يقيدنا ويطوقنا ويعبدنا له! أمر في غاية الأهمية (٢).

 

الفرح المحمود

كما أسلفنا أن حالة الفرح  تكون وفق متعلقها فإذا ما تعلق الفرح بالعطاء الإلهي، فهو أمر محمود ومطلوب ولهذا الفرح يكون على نحوين:

  1. فرح عملي.

يقول ﷻ: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ آل عمران: ١٧٠، فالشهداء في حال فرح يعيشون الفرح ويمارسونه بما آتاهم الله ﷻ من فضله.

  1. وهناك فرح علمي: فعندما يسعى الإنسان لحقيقة من الحقائق العلمية، ويكتشف ويدرك أنها مطابقة للواقع، كمن عرضت عليه مسألة ففهم حلها بنحو ما، ثم عرضها على نبيه m أو على وليّه ﴿؏﴾ أو على عالم يثق به، فاكتشف وتبين له أن ما فقهه وتبادر لذهنه وفهمه كان صحيحًا؛ لا شكّ حينها سيمتلئ قلبه فرحًا وهذا ما نسميه بالفرح العلمي، يقول الله ﷻ في هذا الشأن: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ الرعد: ٣٦، ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ كونهم لديهم الكتاب، فلما وجدوا أن ما ينزل على محمد m مطابقًا لما كانوا يعتقدون. فرحوا بذلك وهذه الفرحة العلمية هي غاية في الأهمية وعظيمة، فهي دالة على أنهم فهموا ما أنزل إليهم من الكتاب سابقًا؛ لذا فهم يرون دعوة النبي m ورسالته مطابقة، وحاكمة ومهيمنة ومكملة لما عندهم.

فهذه الحركة العلمية الكمالية تؤدي إلى فرح واقعي وحقيقي، وهذا النحو من الفرح ممدوح ومطلوب، والآية الشريفة هنا تمتدح هذا الفرح، تمتدح معرفتهم بالكتاب وقدرتهم على تطبيق ما عندهم من الكتاب على ما جاء به رسول الله m، فلم يصفهم بكونهم نصارى يفرحون بما أنزل إلى النّبي m! بل باعتبار وجود الكتاب بين أيديهم، وباعتبار معرفتهم بهذا الكتاب. فهم يفرحون بما أنزل على رسول الله m لأنه يضيء ما يعرفون، ويجدونه مطابقًا لما لديهم من كتاب فهذا يدل على أنه من عند الله ﷻ، فهذا الفرح كونه (أُنزِلَ) فهم فرحون ﴿بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾، كونهم يعلمون أن هذا النزول من مكان رفيع عالٍ من عند الله ﷻ، وليس كونه ذكر رسول الله m.

 

للصائم فرحتان:

وبالعودة للرواية التي استهللنا الحديث بها؛ إذ كانت تتحدث عن فرحتين (للصائم فرحتان) يعرف بهما الصائم؛ أيّ يصح أن يوسم بهما الصائم، ويعرف أنه صائم بحق.

فما المراد بهذا الفرح؟

الفرحة الأولى: فرحة عند الإفطار:

قد تتولد لدى الإنسان فرحة في هذه الدنيا غير خالصة أو ممزوجة بشائبة، فيمكن للإنسان أن يفرح ولكن قد تكون فرحته مشوبة لما عليه من مسؤوليات وتكاليف ومشاغل كثيرة تثقل كاهله؛ لكن هذه الفرحة للصائم في الدنيا حتمًا هي له في الآخرة فرحًا خالصًا، ونظير ذلك في الآيات القرآنية، يقول الله ﷻ عن الطيبات: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ الأعراف: ٣٢، فقد يستطيب المؤمن ببعض الأمور والملذات في هذه الدنيا وتكون غير خالصة، لكنها في الآخرة خالصة له.

ومن هنا قد قد يكون معنى الرواية (للصائم فرحتان) فرحة في الدنيا لكنها غير خالصة، وفرحة في الآخرة خالصة.

وهذا المعنى الذي ذكرناه هو الوجه الظاهر من الرواية، وفي ذاته صحيحًا، ولكن هناك معنى أعمق، فالفرح في الأمور الدنيوية غير ثابت، وعندما يريد الإنسان شيئًا ويرغب فيه فهو وقبل أن يحصل عليه هو يلتذ به، لأن الدنيا محفوفة باللذائذ، وهي مقدمة على أتعابها، ويسمي القرآن الكريم الدنيا بالعاجلة: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ الإسراء: ١٨، فسميت بالعاجلة لأنها كعجلة الدراجة تظل تدور وتدور حول محورها  ثم ترجع لذات النقطة، ويظل الإنسان مشغولًا بها كونه يدور فيها. كذلك هي الدنيا فإذا أرادها الإنسان فهي عاجلة، فنعيم الدنيا مقدّم ولذلك يندفع الإنسان نحوه تلقائيًا، فكأن الآيات تقول: من أراد أن يركب هذه العجلة نحن أيضًا نعجل له فرحته في هذه الدنيا وما يتعلق بها وشؤونها وماهيتها كلها عاجلة. وهذا حال الإنسان من أول ما يولد هو سعيد بنفسه، يريد التعرف على أعضائه، فالسعادة بالبدن لا تحتاج إلى عقل وعلم وسعي وإدراك، يقول الله ﷻ: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ الشمس: ٨.

لذلك وبملاحظة الآية التي تليها: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ الإسراء: ١٩، إذ لم يقل (الآجلة)!  لكن نعيم الآخرة مؤخر، والدوافع نحوه تختلف.

يشير آية الله الشيخ مصباح في كتاب فلسفة الأخلاق إلى نكتة مهمة؛ يقول إن تقديم ﴿فُجُورَهَا﴾ ثم بعد ذلك قال ﴿وَتَقْوَاهَا﴾؛ لأن الإنسان عندما يولد فإن عقله وإدراكاته وعلمه وتجربته ما زالت كلها ضعيفة، لذا تجده يلتذ ببدنه ورغباته المادية وبما قد يدعوه إلى الفجور؛ ثم إذا كبر عقله توسعت مداركه وزاد فهمه، وأصبح يتحمل المقدمات ويدع العاجل للآخرة، ولم تعدّ تفرحه هذه القشور. وفي هذا المعنى يضرب آية الله الشيخ جوادي آملي مثالًا رائعًا فيقول: الإنسان العاقل كالمؤمن في قصر يريد الآجلة، ويرى في الدنيا أوساخ وغفلة، وينظر لمتعلقاتها نظرة جامع النفايات والفضلات يراها تضييع للوقت وللعمر، في حين تختلف تلك النظرة لدى غيره الذي يأخذ من الدنيا متعلقاتها ويتصور بأنه يلتذ بها! خلافًا للمؤمن الذي ينظر من العالي، يرى نهاية الدنيا وعاقبتها! ويدرك حقيقتها إن هي إلا لماضة، وكلما كبر عقل الإنسان وتوسع إدراكه حينها يفهم معنى التقوى ويعرف كيف يتعاطى مع رغبات نفسه: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ .

إذن من هنا ندرك ماهية الفرح العقلائي والذي يحتاج لنيله إلى إدراك وفهم وأن مقدمة هذا الفرح، وهو الإمساك عن الحياة الدنيا، الإمساك عن الدخول في هذه العجلة والدوران فيها.

الصوم هو نحو من العبادة التي تظهر للإنسان نفسه، فإذا كان الإنسان مدركًا عاقلًا واعيًا، تظهر له صفاته كونه لا يبحث ولا ينشغل بالمأكل والملبس والحديث الفارغ. ولذا نجد الأئمة ﴿؏﴾ قد ملأوا ساعات الشهر ولياله بالأدعية والأذكار، كي يخرج الإنسان من هوية العاجلة ولايتسم بصفاتها(٣).

وهذه الرواية (للصائم فرحتان) علاوة على أنها تعرف المؤمن كيف يمكن أن يكون صائمًا، هي أيضًا تبشره بأن في هذا العناء والتحمل لمشاق الصيام فيه تقوية لذاته وابتعاد عن التكاثر وارتباط بالحق والحقيقة.

فالسعادة والفرح في الأمور الإلهية والعبادات والطاعات  لها شأن مختلف؛ فإذا صام المؤمن في هذه الدنيا أدرك كم هو إنسان عاقل وواع، وعند الإفطار يكاشف نفسه ويكشفها كونه صائمًا، إذ لم تحركه عجلة الدنيا، بل تجاوزها واقتحمها وتركها معرضًا عنها، ويأتي الصوم لكي يعطي الإنسان الانفلات من كل هذه العاجلة ومن كل هذه القيود؛ لذا ترى الصائم يفرح ويبتهج -عند الإفطار- لأنه ظهر له اقتداره وإدراكه وإرادته وعبوديته، وكانت هذه فرحة الصائم الأولى(٤).

الفرحة الثانية: وهي أكبر وخالصة أيضًا، حينما يلقى الله ﷻ، فإن الإنسان قد يسعد بجنة عرضها السماوات والأرض.

لا شكّ أن الإنسان يسعد بلقيا الأحبة، كما تنتابه السعادة حين تمشي من تحته أنهار من عسل مصفى، ويسكن في الغرفات وكل اللذائذ المادية والمعنوية تجري من تحت قدميه، لكن هناك سعادة أكبر حينما يلقى الله ﷻ وهو واعٍ وعالم ومدرك لمعنى لقاء الله ﷻ، وهو متخلص من العاجلة، لا يُجرّ إلى لقاء الله ﷻ ولا يزج كما يُفعل بأهل جهنم، لا يدّع دّعًا إلى اليوم الآخر، بل يلقى الله ﷻ وهو فرح بنفسه وبلقاء الله ﷻ، لأنه لقى الله ﷻ بعد أن انقلبت عنده هذه الهوية والخلاص من اللذائذ الظاهرية والوهمية.

إذن بإمكاننا أن نلخص ماسبق من أن أحد معاني “للصائم فرحتان فرحة عند الإفطار”، أن سعادة الإنسان في إدراكه لنفسه وأنه عابدٌ لله ﷻ. والفرحة الثانية التي لا يشوبها شيء عند لقاء الله سبحانه.

 

توجيه والفات:

ختامًا أحب أن أذكر وألفت وأقترح أنه من الجيد أن يتوقف في شهر رمضان المبارك تواصل الإنسان مع كل هذه الحبائل، التي قطعته وتقطعه عن الله ﷻ، في المناجاة الشعبانية نقول: “إلهي هَب لي كَمال الانقطاعِ إلَيكَ وَأنِر أبصارَ قُلوبنا بِضياءِ نَظَرِها إلَيكَ حَتّى تَخرِقَ أبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَةِ وَتَصيرَ أرواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدسِكَ”، لكن كل ما حولنا الأجهزة.. الشيطان تعمل على كمال الارتباط بكل شيء سوى الله ﷻ، يجب أن يتوقف الإنسان في شهر رمضان المبارك، وأن يصوم أولًا قبل الإمساك عن المأكل والمشرب، يمسك عن هذا العالم الجديد الخالي من العلم والمعرفة والهداية واستخدام الحق ونشره.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من العميقين المتعمقين في دين الله ﷻ، الذين يرون ما وراء هذه الظواهر وهذه المناسك وهذه الأوامر الإلهية، ويطلبون ويبتغون ذلك بالإدراك والعلم والمعرفة والوعي، وبتصديق ما جاء على لسان الوحي، ويجعلنا من المهتمين بشؤون الأمة الإسلامية وواقع الأمة الإسلامية وبالقضية الكبرى الأولى، والتي بها عزنا وكرامتنا.

وصل اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.


  1. (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) الواقعة: ٦٤.
  2. أحيانًا قد يكون سبب الفرح أمر جيد وعقلائي و له اعتبار، ولكن المظاهر المصاحبة له تكون سيئة وغير لائقة؛ لذا على المؤمن أن يفرح بما يستحق الفرح، كما يلزم أن تكون المظاهر المصاحبة لحالة الفرح هذه أيضًا موافقة لما يطلبه الشرع.
  3. وصفة العجلة الصفة الأولى التي يتسم بها الإنسان ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍۚ﴾ الأنبياء:٣٧.
  4. قد يتصور البعض كونه يفرح لأنه يأكل، ولكن نستبعد هذا المعنى فالغاية من كونه صائمًا تنفي هذا الإحتمال.

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 4.3 / 5. عدد التقييمات 4

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 4.3 / 5. عدد التقييمات 4

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

إحصائيات المدونة

  • 135٬795 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

فاطميون بالانتماء لها ﴿؏﴾ 4.5 (2)

فالمقصود من أهل قم هم الحاملون لفكر وثقافة ومبادئ وأخلاق قم وربما لم يصلوا لها ولم يدخلوها أبدًا، وأما من سكن قم ولم يراعي حرمة السيدة المعصومة ﴿؏﴾ فكان يكذب ويسرق ويهين ويستهين بالمؤمنين، ولا يهتم بأمور المسلمين الكبرى؛ فهو ليس من أهل قم.

فزت ورب الكعبة ٢ 0 (0)

نلاحظ أن أمير المؤمنين ﴿؏﴾ قد أولى مسألة الاهتمام والانشغال بالمظاهر اهتمامًا كبيرًا، وعالج هذه الظاهرة علاجًا يقطع التكاثر تمامًا من النفس، لأن التكاثر يسلب اليقين القلبي العرفاني العملي، أي أن يعمل الإنسان بما يتيقن،