في الخبر عن رسول الله (ص): (لو تمثل العقل رجلا لكان ابني الحسن).
إن إعطاء الإمام الحسن عليه السلام هذا الوصف يعني أنه وصف كمالي في الذات، لأن الإنسان موجود عاقل وحيّ مفكّر، والثناء في هذا المورد واقع على أمر ذاتي لا عرضي أي غير قابل للتغيّر عبر الظروف ولا عبر الزمان والمكان.
الدور الذي قام به الإمام الحسن (
ع) كان عظيماً بحقّ، فقد مارس الإمام وظيفته -كما يعبّر الشهيد الصدر- في ظرف تعيش فيه الأمّة التّشكيك في كل شيء وفي كل أحد وعلى جميع الأصعدة. لم يكن الصراع صرف صراع سياسي بل كان خطّيّا مذهبيّا بين تيارات وفرق لا حدّ لها ولا حصر، وكلّها يدّعي أن الحقّ معه. في مثل هذه الأجواء من الطبيعي أن تكثر الشبهات والشكوك ويضيع على الناس تشخيص المحق من المبطل، لأنّ كل راية لها إمام وكل إمام يدّعي الحجة والدليل، وفي وسط أمواج الفتن تلك لو قرأنا قول رسول الله (ص):
[لو تمثل العقل رجلا لكان الحسن] فسنراه يشير للناس إلى مركب واحد للنجاة في تلك الأمواج ويضفي عليه الاستقامة الدائمة.
[لو تمثل العقل رجلا لكان ابني الحسن] يعطي النّبي الإمام الحسن بها حقّا ذاتيّا، ويقول: تجاوزوا ماذا يقول معاوية وماذا يقول الإمام الحسن، فليست معرفة المحقّ من المبطل بالالتفات إلى أقواله، فلا يُعرف الحقّ بالأقوال والأفعال، لقد أراد رسول الله (ص) أن يجعل المعيار أعلى وأكثر ثبوتا لأن الفعل ليس صفة ذاتية، الإنسان قد يفعل الصالحات وقد يفعل غير الصالحات، قد يقول كلاما مستقيما وقد يقول كلاما غير مستقيم، وعندما نريد ِتقييم الرجال بأقوالهم وأفعالهم فسوف تختلط علينا معايير معرفة الحقّ من الباطل. حين نريد معرفة الحقّ في زمن الفتن ونقيّم الإمام الحسن ومعاوية فقول الرسول هادٍ ودليل لنعرف أن الحق مع الإمام الحسن، سيّما أن معاوية كان من أدهى العرب وأمكرهم يظهر الحلم والفضائل، كما كان سياسيّا بارعا لذا فقد أعطى رسول الله للإمام الحسن معيارا ذاتيّا فجعله عقلا وبالعقل توزن الأشياء وبالحسن يقيّم الحقّ والباطل.
وهذه سياسة قرآنيّة، فالله سبحانه في سورة الرحمن يقول:
﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: 9] أي لا تزيلوا المعيار من الأصل. هناك تطفيف في الموزون
﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ ( المطففين 1-3) أي يغيّرون في المثاقيل لأخذ حقوق الآخرين، وهذا يسمى تطفيف، وهو ينسحب على كل الأمور ولا يختص بالتجارة، فهناك من يريد أن تكون كفّته الغالبة في كل شيء، رأيه هو الصواب دائما، أسرته هي الأفضل دائما .. الخ، هذا تطفيف في الموازين لكن لا يمسّ الميزان، لكن حين يقول:
﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ فهو يريد لا تطففوا في الميزان نفسه. ورسول الله صلى الله عليه وآله حين يقول:
(لو تمثل العقل رجلا لكان ابني الحسن) لم يرد أن يضع في كفّة الإمام الحسن ثقلاً وإنّما أراد أن يقول الحسن هو الميزان.
في وصية أمير المؤمنين (
ع) للإمام الحسن (
ع) يقول له:
“اجعل نفسك ميزاناً بينك و بين غيرك”(1)يعني لا ترض بأن تكون في مرتبة الموزون وتوضع أقوالك وأفعالك وسيرتك في كفّة ويقارن بينها وبين سيرة الآخرين، بل كن أنت المعيار والميزان. هذه المقولة تجعل الإمام الحسن معيارا للحق والباطل، فهو العقل، وفي عقيدتنا العقل مع الدّين لا يفترقان.
“أنا أفكر إذن أنا أفهم الدين” شبهة تحتاج إلى حل:
تحدّثنا سابقا عن العقل وعلاقته بالدّين، ولكن لابدّ أن نلفت إلى أنّنا لم نرد بقولنا أن العقل والدّين متّحدان أن عملية التّفكير هي عملية صائبة وصحيحة دائما، فلا نشتبه بالاعتقاد بتساوي الدّين مع عملية التّفكير، لأن الإنسان فيها يخطئ ويصيب، والذي لا يخطئ هو العقل المجرد. والدليل على عدم صوابية عملية التّفكير بشكل مطلق هو تكوّن العلوم، فالعلوم تكونت نتيجة لتجارب عقليّة معينة تم العمل بها ثم أثبتت خطأها لتحل محلها نظريات جديدة وهكذا، ولو لم تخطئ عملية التّفكير لما اتّسعت المعارف.
إن عدم التفريق بين التّفكير والعقل جعل الكثير يتصوّر أنه حر في تفكيره، ويمكنه إعمال تفكيره في الدّين وتبنّي ما يصل إليه من نتائج غافلا عن أن عملية التّفكير لا تعصم من الهوى والغفلة والسّهو والنسيان، فالعقل المشوب الناقص حينها هو من يفكّر، فلا يمكن الحكم على كل عملية تفكير بأنّها حجّة وصحيحة، الصحيح هو ما يستنتجه العقل الصرف المحض المجرّد، العقل الذي هو معيار لا يخطئ. وأما إذا فتحنا المجال لأن يفكّر أي أحد بأي طريقة وبأي مقدمات ويصل لأي نتيجة فسوف تنتهي هذه الحالة إلى فوضى فكريّة. فقولنا أن العقل والدّين لا يفترقان لا نعني به أن عمليّة التّفكير والدّين يتّفقان دائماً لأنّ
﴿إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19] وليس هناك من يدّعي أنّه يفهم الإسلام فهماً دقيقاً معصوماً. من هنا فإن ادّعاء فهم الدّين بالتّفكير وإبداء وجهات النّظر الشخصيّة أمر غير علمي وغير مقبول.
العقل والوحي:
من المهم الإلفات إلى أمر آخر وهو علاقة العقل بالنّص الدّيني (الوحي). لاشّك أن الوحي حاكم على العقل، ودور العقل هو الاكتشاف لا الاختراع، فالعقل يكتشف الروابط بين الأشياء وقد يصيب وقد يخطئ حين يتوهّم روابط منطقية بين المقدمات والنتائج. لكن الدّين الذي هو تكوين الله وشرع الله فهو لا يخطئ.
إذن العقل ليس في مرتبة الوحي بل هو يكشف لنا كليات الدّين ويدلنا على صحتها، من هنا فالعقل لا يوازي الدّين بل يوازي(النّقل)، ونقصد به أقوال المعصومين عليهم السلام.
أحياناً نفهم أقوال المعصومين فهماً صحيحاً ومستقيماً ومطابقاً لما أراده المعصوم لكنّنا في أحيان كثيرة نخطئ الفهم، ولو جمعنا الآراء حول رواية واحدة لخرجنا بعدد كبير من وجهات النّظر المختلفة، فهل نتصور أن الدّين بهذا القدر من الفوضى؟!
لاشك أنّنا نتحدّث عن كل هذه المفاهيم لكي نصل إلى معنى ( أثمان الجنان)، سأنقل لكم رأي أستاذي الشيخ الجوادي الآملي حول ارتباط العقل والنقل بالوحي. يرى أستاذنا أن من الخطأ طرح هذا السؤال بهذا الشكل، وليس له ثمرة لأن العقل ليس في مستوی الوحي، لذا لا يمكن البحث حول التناسب بين العقل والوحي. والذي يعتبر في مستوی العقل هو النّقل لا الوحي. بعبارة أكثر وضوحا: العقل لايعادل الوحي بل يعادل النّقل، والعلوم العقليّة تعادل العلوم النّقلية. ونقل تفسيرنا وفهمنا للوحي ليس هو نفس الوحي، فالوحي لا يصل إليه غير المعصوم، وهو مصون ومحفوظ من الخطأ. أما النّقل فهو مثل العقل قابل للخطأ. ولأنه لا يوجد خطأ في مساحة الوحي ولا يوجد كشف معتبر وله قيمة من بين العلوم كالوحي كان الوحي سلطان العلوم. وأصحاب العلوم العقليّة والنّقليّة (الحكماء والفقهاء) لا تصل يدهم إلى دائرة الوحي. لذلك يقاس الفيلسوف والمتكلّم بالفقيه لا بالنّبي والوصي.
قد نتصوّر أنّنا لسنا بحاجة إلى هذا الكلام، لكن الأمر ليس كذلك، فالوضع الذي تعيشه السّاحة يتّجه نحو نوع من الفوضى الفكريّة فالكثير يتوهّم أنه بمجرّد أن تزيد معلوماته فهذا يعني أنه ازداد بهذا عقلاً وفهماً وقدرة على التّحليل و الاستنتاج فهو –بالتالي- يستطيع أن يصل إلى النّتائج التي لم يصل لها كبار العلماء والعباقرة. وهذا اشتباه كبير.
إذن العلوم العقلية في الحقيقة لا تجاري الوحي بل هي تعادل العلوم النّقليّة فكما تحتمل الأخيرة الخطأ والصواب(2) فالتّفكير يحتمل ذلك أيضا. والعقل والنّقل هما طريقان يوصلان للدّين ولكنّهما ليسا في عرض الدين.
من هو العاقل من وجهة نظر الدين؟
عودًا إلى المقولة التي هي محور بحثنا (لو تمثل العقل في رجل لكان ابني الحسن) فالنبي بلا شك في مقام المدح والثناء على الإمام الحسن صلوات الله عليه وبيان فضيلة من فضائله، لكن من هو العاقل في نظر الدين؟
عرفنا معنى العقل الفلسفي، وقلنا أنه موجود مستقل ومجرّد ومعصوم، والخطأ يقع من عملية التفكير، لكن يهمنا أن نعرف ماهو العقل في نظر الدّين؟ ومتى يصف الدّين شخصا بأنّه عاقل؟
ورد في الرواية: (العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان)(3) هذا الحديث يعطينا معيارا لمعرفة العقل والعاقل في منطق الدّين. سنتحدّث في ظل هذه الرواية مع ضمّ روايات أخرى لنفصّل في معنى العقل ونشخِّص من هو العاقل، ولكي نميز بين العقل والشيطنة والمكر.
فلنضع أوّلا المعايير ونرى هل توجد خصائص للإنسان العاقل في الدين أم لا؟ فالرواية تجعل معيار العقل هو اكتساب الجنان، وبناء على هذا فمن لا يهتدي عقله إلى الله ولا يزيده عقله من المعرفة والعبادة والطاعة فهو ليس بعاقل بالغاً مابلغ، وحين نتّخذ هذا المعيار“العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان” سنخرج بنكتتين مهمتين:
النكتة الأولى: أن السذّج الذين يتعبّدون بلا تعقُّل فهذا يعني أن هناك نقصا في عقلهم ودينهم، لأن الأبله لا يمكن أن يكون عابدا لله سبحانه وتعالى. والإنسان السّاذج البسيط الذي لا يحلل الأمور ولا يفهم ما يجري حوله لا يمكن أن نسمّيه متديّنا أو مؤمنا، لأن شرط الإيمان العقل، والعقل والإيمان لا ينفكّان. ولأن العقل من وجهة نظر الدين هو الذي يدفع الإنسان باتجاه عبادة الله سبحانه وتعالى، ولو بحثنا في الروايات لوجدنا أنها لا تمدح الأحمق والأبله بل لا تعدهم متديّنين. يقول الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه (ما خلق الله عز وجل شيئًا أبغض إليه من الأحمق)(4) فالأحمق والأبله لا يمكن أن يكون متديّنا مهما مارس من عبادات وطاعات لأن جذوة عبادة الرحمن هي العقل (العقل ما عبد به الرحمن) ولا يمكن للعابد أن يكون أحمقا.
النكتة الثانية: أن العقل لا يجتمع مع ترك أي لون من ألوان العبادة، فالمعيار في العقل من وجهة نظر الدّين أنّه طريق لاكتساب الجنان، فكل إنسان يترك عبادة أو طريق طاعة سواء كانت صلاة أو ذكرا أو جهادا أو أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر فهو ناقص العقل. وكل تقصير من الإنسان تجاه أي نوع من أنواع العبادة ليس معناه نقصا أخلاقيّا أو ثقافيّا بل هو نقص في العقل، لأن المعيار الديني للعقل الذي نفهمه من الرواية يعطينا قاعدة مفادها: كل نقص في الدّين فهو نقص في العقل، وكمال العقل يعني كمال العبادة. وعليه، فإذا وجد الإنسان عدم رغبة في العبادة، أو إعراضا عنها فليعلم أن عقله قد خامره نقص.
وكشاهد على هذا المعنى لنقرأ ما يقول القرآن عن الذين تركوا الجهاد:
﴿انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة:41]
﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء:91] (لايستوي) في الفلسفة والعرفان تعني أن التّفاوت بين المجاهدين والقاعدين يكمن في مركز كمالهم الذي يمثّل مدى انبساط وجودهم وهو العقل، وإلا لا يهم الله سبحانه مركزهم الاجتماعي أو غيره.
ماهي معايير العقل في القراءة الدينية؟
قلنا أن العقل من وجهة نظر الدّين ما اكتسب به الجنان، فماهي معايير هذا العقل؟ يقول الإمام الصّادق عليه السلام: (دعامة الإنسان العقل، والعقل منه: الفطنة، والفهم، والحفظ، والعلم… فإذا كان تأييد عقله من النور، كان عالما حافظا زكيّا فطنا فهما، وبالعقل يكمل، فعلم بذلك كيف ولمَ وحيث).(5)
هذه الرواية تعطينا ميزانا لمعرفة العاقل طبق القراءة الدينية:
(دعامة الإنسان العقل) الذي يدعمك وتتّكئ عليه وتعتمد عليه يعطيك الشخصية، وله مظاهر: الفطنة، والفهم، والحفظ، والعلم.
ماهي الفطنة؟
العقل هو أن يقّشر الإنسان ظاهر الأشياء ويأخذ اللّب ﴿ أُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 18] والفطنة هي أن يرى الانسان مضمون الأشياء. لا يمر على الأحداث مرورا بل يحلّلها ويخرج منها بحصيلة، فهو قبل الحدث ليس مثله بعد الحدث. والفطنة أول كاشف لعقل الإنسان وهي دعامته الأولى.
ماهو الفهم؟
الفهم مرحلة بعد الفطنة، وهو ارتفاع درجة. هناك من يفطن للأمور لكنه لا يرتب على هذه الفطنة أثرا، الشخص الفهِم هو الذي يزداد درجات من الوعي بترتيب الأثر على فطنته، فيتغيّر حاله ووضعه. كثير من الناس تمرّ بهم الأحداث لكن لا يتعاملون معها طبق الفطنة والفهم وإنمّا طبق الوراثة فعندما يخطئ أو يغضب ويتجاوز نراه يبرّر لنفسه بأن ذلك نتيجة للوراثة، والحال أن الوراثة تؤثّر في الإنسان ما لم يكن داعمه العقل، أما إذا دعمه العقل فلا يمكن أن تتحكّم به الصفات الوراثية، فمن تحرّكه وراثته هوالذي لم يتجاوز مرحلة الطفولة ولم يصل إلى العقل بعد.
(فإذا كان تأييد عقله من النور، كان عالما حافظا زكيّا فطنا فهما) المظهر الثاني للعقل الدّيني الممزوج بالوحي أن هذا العقل مؤيّد بالنور، فطنة مجلّلة بالنورانيّة والتقوى يقول الأمير: (لولا التّقى لكنت أدهى العرب).(6)
كيف نعرف العقل النوري؟
إذا استطعت بفطنتك أن تزيل الحسد والحقد والعداوة والذاتيّة من معاشراتك وتعاطيك مع الآخر فأنت نوري العقل وعقلك مؤيّد بالوحي، أما من يعقل بواطن الأمور لكن لا يزيده ذلك نوريّة وروحانيّة ولا حرصاً على دينه فعقله غير مؤيّد بالنور، ثم من كان مؤيّدا بالنّور فقد كان عالما زكيّا فطنا فهٍماً وهذه هي أثمان الجنان. سعر الجنة أنت، وسوف لا يتغيّر الوضع هناك، فـ (كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون).(7)
ثم يقول عليه السلام: (وبالعقل يكمل، فعلم بذلك كيف ولمَ وحيث) هنا يأتي معيار أخير. كثيراً ما يتصور الأنسان أنّه يكمل بأشياء غير ذاتيّاته فلو سألنا كل النّاس عن (كَمّه) فهو يعرف ذلك وبدقة، يعرف عمره ووزنه وماله وأولاده و… الخ ولكن ذلك غير صحيح، لأن الكم ليس من ذاتيّات الإنسان. العقل أن يعلم الانسان (كيفه)، ولذا جاء في الرواية (فعلم بذلك كيف) لا (كم). العقل أن يعرف كيفَ وجوده، هل هو شجاع، سخي، محب؟ وأن يعرف مدى حبه للحق.
ومن العقل أن يعرف (حيث) أي أين هو في سيره وسلوكه نحو لله، وكم بقي عليه من مسافة، وما هو السّقف الذي وضعه لنفسه؟
العقل في الدين هو الاتصاف بهذه المواصفات وما عداه فهو شيطنة ومكسبة للنيران، لذا حين نزن أفعال معاوية بميزان الدّين فلا نجدها عقلا بل شيطنة.
1. بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج72-ص29
2. المعصوم لا يخطئ، لكن دائرة الخطأ تكمن في فهم الرواية من قبل الراوي ومن قبل المتلقي، فإدراك الراوي ومعرفته لا تداني معرفة المعصوم بل ينقل بمقداره هو.
3. الكافي- الشيخ الكليني- ج1- ص11
4. بحار الأنوار-العلامة المجلسي-ج1-ص89
5. الكافي-الشيخ الكليني-ج1-ص25
6. الكافي-الشيخ الكليني-ج8-ص24
7. تفسير الميزان-السيد الطباطبائي-ج1-ص90
مرتبط
0 تعليق