وابعث فيهم رسولا منهم
ففي الحجّ نرى ربوبيّة الله متجسّدة بالمرور على آثار واضحة محسوسة. وكما تلقّفت السماء دعاء إبراهيم (ع) فكذلك حجّنا يمثّل حركة هذا الدعاء على أرض الواقع، فلسنا إلّا مفردات حيّة تطوف وتسعى وتمشي على الأرض لدعاء إبراهيم
ففي الحجّ نرى ربوبيّة الله متجسّدة بالمرور على آثار واضحة محسوسة. وكما تلقّفت السماء دعاء إبراهيم (ع) فكذلك حجّنا يمثّل حركة هذا الدعاء على أرض الواقع، فلسنا إلّا مفردات حيّة تطوف وتسعى وتمشي على الأرض لدعاء إبراهيم
هناك غاية نهائية للحج لا تتحقق ولا تظهر جليّة وعينية إلا باجتماع الناس عليها، واتحادهم على حملها، وانصهارهم فيها بلا قيد ولا شرط بعد سقوط الفوارق بينهم وعودتهم إلى هويّتهم الأولى وحرق هويّاتهم الطائفية والوطنية، وإفناء حالة العصبية والمنطقية والانتماءات العرقية، فمكة هي الوطن الأصيل الذي يصلي فيه الناس كما يصلون في أوطانهم الوهمية صلاة كاملة، ومكة هي محل إذابة الفوارق وإسقاط قشور التكبر والغرور كما جاء في روايات الحج.
لقد كان الإمام العسكري يمارس دوره بشكل كامل. وكان في ذلك غاية في الظهور مع اختفاءه وقصر مدة إمامته، وسرعة غيابه وحبسه وسجنه.
هذا البعد الوجداني عند الإنسان، وهذا الباعث الطبيعي للبحث عن نفسه وجهه اللسان الديني نحو مركز أساسي وقال لنا أن الزهراء (ع) هي ليلة القدر، هي المرآة الشفافة التي تكشف للإنسان نفسه وسعادته وقدره وحجمه ورزقه الواقعي.
الحج صب من القيود الإلهية التي تجعل الإنسان في طريق معين لا يخرج عنه، ويجعل الحاج جنديا من جنود التشييد، فلا يكون معطلا.
النحو الثالث من الإباء وهو ممدوح ذكره القرآن في قوله تعالى :(وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ)
هذا الإباء ممدوح؛ لأنه إباء إلهي وإرادة إلهية، فهو يسري من عبودية الله ومن الارتباط بنورانية الله (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ) هذا النور يمتد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيحق لرسول الله أن يأبى أن يُقدِم على كل ما من شأنه أن لا يظهر هذا النور، وكذلك يمتد لأمير المؤمنين وأهل البيت والمؤمنين، لأن نفخة الله فيهم وروح الله فيهم فيأبى الله لهم أن يتخذوا مواقفًا لا تتناسب مع شأنهم وكونهم من العالين؛ لذلك فلا يمكن أن يخضعوا ويستسلموا، لأن استسلامهم وخضوعهم وتوهينهم يؤدي إلى إضعاف لنور الله تعالى