أبارك للنبي الأعظم ﷺ وآله ولأهل بيته الأطهار ﴿؏﴾ ومراجعنا بشكل عام ذكرى ميلاد الإمام أبي الحسن الرضا ﴿؏﴾ والذي لا تحصى فضائله، ولا يبلغ المدح كنهه.

وتبركًا بهذا المقام نذكّر أنفسنا والمؤمنين بكثرة الروايات الوادرة في استحباب زيارته ﴿؏﴾، وربما عدّها البعض أفضل من زيارة الإمام الحسين ﴿؏﴾، وبعيدًا عن التفاضل الوارد في زيارات المعصومين ﴿؏﴾ لأسباب يخفى علينا أغلبها، نختصر الحديث في رواية مفادها: أن زيارة الإمام الرضا ﴿؏﴾ لها أجر زيارة النبي الأكرم ﷺ  وآله. *1
ومما يجعلنا نقبل هذه الرواية هو أوجه الشبه بين الدور الذي أنيط بالنبي الأكرم ﷺ وآله، والدور الذي قام به الإمام الرضا ﴿؏﴾ ونجمله فيما يأتي:

١- تعليم الأمة ما لم تكن لتعلمه لو لا النبي ﷺ وآله، فقد أكدّ القرآن الكريم على أن أول مهمة للنبي الأكرم ﷺ وآله هو التعليم: ﴿ كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَ يُزَكِّيكُمْ وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: ١٥١
وقد انتشر عن الإمام الرضا ﴿؏﴾ من العلوم والمعارف ما قد ملأ الآفاق، ولم يقتصر تعليمه ﴿؏﴾ على المبادئ الأولية للإسلام؛ بل عرض التوحيد بشرطه وشروطه ممزوجًا بالولاية، وكما كان رسول الله ﷺ وآله المعلم للنّاس كافة كان الإمام الرضا ﴿؏﴾ معلمًا لكافة أهل الملل حتى كني بعالم آل محمد ﴿؏﴾.
٢- الرأفة والرحمة: إن العلم والمعرفة أهم ما يتسلّح به الإنسان لإظهار اقتداره وقوته وغالبًا ما لم يختلط بالحب والعاطفة فإنه ينقلب وبالًا على الإنسان وعلى من حوله أيضًا، ويسلب النفوس أنسها بالعلم، ويفقد العالم مطلوبيته ومحبوبيته، فكيف تأنس بعالم يكشف عيبك من شدة فطنته؟! نعم ستهرب منه؛ لأن العالم مالم يكن ستار العيوب غفار الذنوب فسينقطع حبل الود بينكما؛ وحيث كان النبي صلوات الله عليه غارقًا في محيط الرحمة الإلهية  أنست به النفوس: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّـهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ آل عمران:١٥٨، ونفس هذه الرأفة والأنس والبهجة كانت ولا تزال من خصائص أنيس النفوس علي بن موسى الرضا ﴿؏﴾، وقد يكون الاستغفار الذي يقرأ بعد زيارة الإمام الرضا ﴿؏﴾ هو لزيادة الظرفية والاستعداد لتلقف الرأفة والرحمة من مكانها ومكانتها الأصيلة.
إن هذه الوجوه ووجوه أخرى كثيرة تجعلنا نجد صورًا للنبي الأكرم صلوات الله عليه وآله تنعكس في زيارة الإمام الرضا ﴿؏﴾ لا حرمنا الله منها.
و في ذلك يقول الشيخ الكمباني :

وفـي مـحيّاه حياة الأولـيـا
وكيف وهْو روح خير الأنبيا
فمَن يضاهي شرفاً وجـاها
روحَ محمّدٍ وقلبَ طـاهـا؟!
بيضاء موسى هي في يمينهِ
ونور ياسين على جـبيـنهِ
…………………………………….
*1 وفي ثواب زيارة هذا الإمام الهمام ﴿؏﴾ وردت رواياتٌ كثيرة، في بعضها.. “أنّ مَن زاره كان كمن زار النبيَّ صلّى الله عليه وآله..” الصحيح في فضل الزيارة الرضوية لمهدي خداميان.