(اَلسَّلامُ عَلى خَليلِ اللهِ وَنَجيبِهِ)

الخلّة هي أعلى مراتب المحبة. والخليل هو الذي لا يبقى بينه وبين محبوبه وخليله سرّ، أي أنه يكون منفتحًا وبشكل كامل على محبوبه؛ لذا فإننا عندما نعبر بوجود خلل في شيء ما نعني بذلك وجود فرجة في هذا الشيء، فإذا كان هذا الموجود منفرجًا ومفتوحًا كله لله سبحانه وتعالى بمعنى كونه لا يمتلك ما يقابل الفرجة؛ وأن هذا الموجود منفتح بكله على الله جل شأنه فمعنى ذلك أنه مطلع على كل الأسرار والحقائق الإلهية؛ إذ لو كان هناك جانب إغلاق في قلبه وعقله وفكره و نفسه فلن يصبح خليل الله بحيث تنفتح له الأسرار التي لا يطلع عليها أحد. وهذه الخلّة لا تحدث إلا بهدم الحواجز بينه وبين محبوبه؛ وهذا ما كان من الإمام الحسين ﴿؏﴾ وكشفته لنا كربلاء، بحيث انفتح الحسين ﴿؏﴾ بكله على الله سبحانه وتعالى وفتح لنا أبواب العودة لله عز وجل.

مما يلفت إليه فيما وصلنا من سيرة وتراث الإمام الرضا ﴿؏﴾ في جانبه العملي: هو كثرة ظهور الكرامات على يديه، والقارئ في سيرة الإمام الرضا ﴿؏﴾ يرى أن مسيره إلى خراسان كان مليئًا بإظهار هذا الجانب، إذ ورد أنه مرّ على بئر نضب ماؤه ففاض ببركته، وجلس في بستان قاحل فاخضرّ، إلى غير ذلك من أمور غيبية، وهذا النوع من إظهار الكرامات هو حق للناس، لتعريفهم بمن هو قادر على قضاء حوائجهم وتفريج همومهم، وهو بهذا يعرّفهم من هو وريث رسول الله ﷺ وآله بحق، فالنبي ﷺ وآله كان يمارس هذا النوع من التصرفات الغيبية فيغني الفقير ويقضي حاجة المحتاج، والعرب لم تنسَ هذا التاريخ بعد، فقد كانوا قريبي عهد به، وإظهار الإمام الرضا ﴿؏﴾ لهذا الجانب الغيبي يبيّن للناس أن بني أمية والعباس ليسوا إلا مدّعين لهذا المقام والمنصب، والأجدر به بحق هو من يمكن أن يعيد سيرة رسول الله ﷺ وآله وتكون له الآثار التي كانت للنبي الأكرم ﷺ وآله. وهذا هو ما فعله الإمام الرضا ﴿؏﴾. وكما هو واضح وجلي لنا أن الإمام ﴿؏﴾ يمارس هذا الدور إلى يومنا هذا، فنحن نرى كيف يقضي الإمام الرضا ﴿؏﴾ الحوائج ويفرج عن الهموم لكل من قصده. وإذا كان الإمام ﴿؏﴾ هو مفرج الهم والغم وقاضي الحاجات ومجيب الدعوات فهذا دليل عملي على طهره وعلو مقامه المبرأ من كل نقص وعيب.