فكر وذكر

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

إن هذا القالب البدني للإنسان وإن كان شرطًا في حركته باتجاه كماله، لكنه يزاحم كماله الواقعي المنشود فهو لا يفتأ يكسر من أهواء طينه جدارًا ليصل لآخر يكسره.

العالمة الفاضلة أم عباس النمر

تأثير النموذج الملهِم أشدّ عمقًا من التلقين الفكري، لأن النموذج يلامس بُعدًا فطريًا في الإنسان وهو انجذابه للأكمل.

في آداب السير والسلوك ترى بعض المناهج الأخلاقية أن علاج النفس يبدأ من تغيير إرادة الإنسان؛ بمعنى أن يقاوم نفسه ويقسرها على الطاعات لتصبغ بإرادة الله ﷻ ورسوله (ص)، وهذا التذويب للإرادة هو فن العاشقين المحبين، وهذا مما يقفز بالإنسان إلى أعلى الكمالات.

نحن بحاجة للرجوع للقرآن لإعادة الإنسان إلى البديهيات الفطرية وإزالة الأوهام التي خلفتها الحياة المادية فكانت حاجزًا عن معرفة النفس ومعرفة الربّ.

الميزان في الإسلام ليس لكثرة الأعمال كما هو ليس دليلًا على صلاحها، بل القيمة لصلاح الذات أولًا، وللعمل الذي يصدر عنها ثانيًا، ثم للموقع الذي يكون فيه المرء؛ فكلما كان الإنسان أقرب من المبادئ فإن مسؤوليته تكون أكبر وأشد.

لقد أصبح لسيادة الإنسان الجاهل والفارغ تأثير في تسافل المجتمع وانحطاطه؛ لهذا فإن القرآن الكريم وروايات أهل البيت ﴿؏﴾ تؤكد على أهمية اعتدال الصفات الانفعالية والعاطفية للفرد، كما تؤكد على دور الحرية الفردية في الصلاح لما لها من تأثير في إحياء حسّ الكرامة والازدياد في عالم الفضيلة.

بمجرد وضع لبنة حق؛ فأنت تزيل بها لبنة باطل؛ وهذه هي الوظيفة من نشر المعارف والحقائق، وإقامة الحجة بالدليل والبرهان، وبيان ضلال أهل الباطل والظلم والطغيان؛ فهو بذاته إحقاق للحق وحذف لذلك البناء الباطل.

 حقيقة التعاطف والميل لأعداء الدين والمنافقين وولائهم هو بمثابة فتح ثغرة داخل المجتمع الاسلامي، وإعطائهم فرصة لتمرير مشاريعهم علاوة على أنه سيكسر الحواجز الروحية التي تحول بينهم والسيطرة على المسلمين ويصبح المجتمع الإلهي ألعوبة ويستخف به.

إن خطورة الالتقاط الفكري لا تظهر على مستوى الفرد فحسب بل على مستوى المجتمع؛ والذي حين تتباين مكوناته، ويغدو له ألف قلب وألف هويّة ولون؛ يعدّ الأخطر، فلا تُعرف حينها موارد سقوطه ولا كيفيتها ولا أوانها!

إنما تصمد الأديان أمام الصدمات بقدر ما ترسخ في الإنسان روح العبودية لله ﷻ، والتحرر من كل ما عداه.

أفضل ما يجلو القلب هو التماس عفو الله ﷻ والقطع والاطمئنان بجوده وعفوه وكرمه.

إن التغيير الذي سيصنعه الإمام المهدي ﴿عج﴾ هو بمثابة افتتاح المشروع الكونيّ لذاك العالم الذي بناه الأنبياء والأئمة ﴿؏﴾ لبنة لبنة، وهذا هو الفتح المهدوي.

إن إعادة البناء الاجتماعي والفكري والأخلاقي والتربوي مسؤولية كبيرة وثقيلة؛ والمرأة هي الأقدر على تضميد الجراح وترميم النقص ولمّ الشعث ورأب الصدع.

الصبر صفة كمالية وبحسب الآيات القرآنية فإنها صفة مفرغة علينا من الله سبحانه.

﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾، أي كل ما في هذه الأوعية اجعلها يا رب ملكات عندنا وأفرغها علينا بشكل كامل.

أكبر كمية وكيفية ظلم يمكن أن تحمله المرأة هو بعدم الحياء وترك العفة.

إن الإنسان المتعبأ برسالة النبي الخاتم ﷺ وبأغراضها وأهدافها يعيش حالة رسالية دائمة؛ فهو مصداق لقول الصديقة الزهراء ﴿؏﴾ في خطبتها (وَحَمَلَةُ دينِهِ وَوَحْيِهِ)، وهؤلاء هم من يحملون هذه الرسالة بلسان عالمي أممي، ويعيشون همّها وأهدافها.

الفلسفة الحقيقية للحجاب هي ظهور هذا الاسم في سلوك المرأة وفي شخصها وأن تتعرف به.

هذه التقوى التي يؤملها الإنسان هي فرصة تكوينية من الله ﷻ تُعدّ حصيلة التغيير الذي يأتي عن الأمل في الله سبحانه وتعالى.

هناك فرق كبير بين من يعيش على الهامش ومن يعيش في قلب الحياة؛ لذا يجب أن يكون معيار المرأة والرجل هو السبق إلى الخيرات.

﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا﴾الكهف: 16

جاء على لسان أصحاب الكهف أن نتيجة ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾:

  1. أن ينشر لكم ربكم من رحمته.
  2. يهيئ لكم من أمركم مرفقًا.

فمن الذي أخبرهم بهذه النتائج؟!

فأصحاب الكهف ليسوا بأنبياء، ولا يوحى إليهم.

لكن ثقتهم بما في يد الله ﷻ، وقاطعيتهم بالنصر الإلهي دفعهم أن يقولوا ذلك بلا استثناء لمشيئة الله عزّ شأنه.

الرسالة ليست وظيفة اعتبارية يأخذ مقابلها الرسول الأجر، بل هي ذات وحقيقة شخصيته الرسول (ص) لا تفارقه آن آن، فهو أمين في حمل الرسالة. وهكذا هم خلفاء الرسول (ص) في حمل وتبليغ الرسالة.

إن الأصل الإسلامي المسلّم به هو التعاون وأهمية جريانه في القلوب والنفوس والحياة الأسرية والاجتماعية وتجسيده في الخارج؛ بحيث يُعدّ عدم إجرائه لونًا من ألوان الظلم والجور.

العالِم يكتسب مكانة فطرية في النفوس الطبيعية والأمزجة السليمة من الانحراف، فلازم العلم هو التوقير.

كل الآيات الشريفة التي تتحدث عن ظهور الحق والحقيقة هي بالدرجة الأولى تحدد وظيفة الإنسان الأصلية، ودوره الأول الذي يصنع هويته.

إن هذا القالب البدني للإنسان وإن كان شرطًا في حركته باتجاه كماله، لكنه يزاحم كماله الواقعي المنشود فهو لا يفتأ يكسر من أهواء طينه جدارًا ليصل لآخر يكسره.

الوصول للحقيقة مرحلة مهمة ينبغي أن يسعى لها الإنسان، وعليه يتعيّن أن تكون مجالسنا الحُسينية مجالس علم ومعرفة وتحقيق.

علينا أن نحافظ على محمد الذي بداخلنا فبه نستقيم، وبه نثبت، وبه نطهر، وبه نكون خير أمة أخرجت للناس.

معنى لقاء الله ﷻ هو أن يصبح الإنسان انعكاسًا للصفات الإلهية والله ﷻ هو مطلق الكرم والفيض والعطاء والعلم والمعرفة.

إذا استطاع الإنسان أن يُلجم غرائزه فهذا دليل على إنسانيته، ودليل على حريته؛ فكلما كان أكثر حرية وأكثر إدراكًا؛ كان وصوله للكمالات العقلية أكثر وأشدّ.

الهجرة لله ﷻ من المواقف الكبيرة والكريمة ولا تتحقق خالصة لله إلا من ذوي الهمم الإلهية الرفيعة.

من عاش على حب آل محمد ﴿؏﴾؛ سوف يموت كما عاش وجوده مخالط لحبهم ﴿؏﴾.

إن العبادات التي نقوم بها ليس لها قيمة وشرف إلا باعتبارها طريق لله ﷻ.

أحدث المقالات

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١٢

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١٢

فكانت ﴿؏﴾  تخاطبهم وتوبخهم بقولها: “يا أهل الختل والغدر”؛ وحسب الظرف كان يجدر أن تنفر النّاس من قولها ولا تقبل بتلك التهم، لكن جميع من  كان حاضرًا قد همّ بالبكاء، الصغير والكبير والشيبة!

لأنها ﴿؏﴾ قلبت النّاس على أنفسهم المتواطئة مع الظالم والمتخاذلة والمتقاعسة عن نصرة الحق على ذاتها، فرأوها على حقيقتها رؤية الذي لا لبس فيه؛ فغيرت بذلك أحوالهم وأعادتهم لأنفسهم النورية حيث فقدوها

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١١

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١١

ليست أن زينب ﴿؏﴾ كانت شُجاعة، بل هي (الشَّجاعة)! وليست هي القاهرة لعدوها، بل هي (قهر العدو)، وليست هي غاضبة لله ﷻ، بل هي (الغضب الإلهي)! وليست هي ناقمة لله ﷻ، بل هي (النقمة الدامغة)؛ نحن نقول ونحن نزور أمير المؤمنين ﴿؏﴾ فنقول: “السَّلامُ عَلى حُجَّةِ الله البالِغَةِ وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ ونِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ”

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٩

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٩

ومن أهمّ الأدوار التي قامت بها ﴿؏﴾ أنها مثلت وأظهرت الدور الاجتماعي الإسلامي ضمن النظام الإلهي الواقعي، وكشفته لنا! فالدور الذي قامت به السيّدة زينب ﴿؏﴾ يتمحور في إظهارها وإبرازها المثل الأعلى للدور الاجتماعي للمرأة الرسالية ؛ وفقًا للمعاير والرؤية القرآنية، كما وأنها ﴿؏﴾ بذلك قد أضفت المشروعية على العمل التبليغي والجهادي للمرأة المسلمة وأبانت قيمته، وحددت الموقف الشرعي للمرأة في جهاد التبيين والصدع بالحقّ

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٨

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٨

إن الدور الذي قام به أولياء الله ﷻ، أن يدفعوا بقوة وبشدة كل من صيَّر لنفسه وبغطرسته وتشامخه الكاذب حجابًا عن الله ﷻ، وكل من ادّعى الاستقلالية عنه ﷻ، وعن رسوله ﷺ وآله، وأهل البيت ﴿؏﴾، إذ كانوا يدفعون بجهادهم الأكبر عن أنفسهم، وبجهادهم الكبير عن فكر النّاس، وعن الواقع الاجتماعي والثقافي، كما يدفعون بجهادهم الأصغر وبسلاحهم أيضًا إذا ما اقتضى الأمر ذلك.

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٧

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ٧

فعندما يندفع الهوى سيظهر في الخارج على نحو جهالات وأباطيل؛ فكان ولا بدّ وفي مثل هذا الموقع أن يظهر العقل كاملًا بأنموذج العقيلة ﴿؏﴾ إذ كانت هي السلاح الذي يُذهِب الوهم ويصرف الخيال، ويميت الهوى ويبدد تلك الأكاذيب، وهذا هو ذات سلاح رسول الله ﷺ وآله في إظهار الرسالة والوحيّ والبلاغ، سيّما في المسائل الحساسة كولاية أمير المؤمنين ﴿؏﴾.

أهل البيت ﴿؏﴾الإمام الحسين ﴿؏﴾الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية
الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية ٦

الدور الاجتماعي للسيدة زينب (ع) رؤية قرآنية ٦

عندما تخطب عقيلة الطالبين (ع) في مجلس الطاغية، وهي كما وُصِفت كانت خفرة -والخفارة شدّة الاحتجاب والكمون-توبخ، وتُعلّم وتُرشد، وتُعيد بناء القلوب، وصناعة وصياغة النفوس وإحياءها من جديد، وهي بتمام خفارتها؛ دال على أن تلك الخفارة منسجمة ومتناسقة مع ذاتها وحقيقتها ومع ما تقوله تمامًا.