دحو الارض
هذا الاول
في رؤية الموحد لا تنحصر ظاهرة دحو الأرض وجعلها بكيفية ما ليحكمها نظم فيزيائي؛ بحيث تعيش وتحيا عليها الكائنات لتأكل وتشرب وتنكح وتنام، وإنما علاوة على ذلك؛ قد تم إعدادها – الأرض- بدّقة متناهية للسنن الإلهية؛ من النّصر الحتمي للحق على الباطل؛ وذلك بقرينه ذكر قصة غلبة موسى ﴿؏﴾ لأعتى فرعون قبل ذكر آيات دحو الأرض، إذ لم يكن يملك موسى ﴿؏﴾ إلا نفسه وأخاه وعصاه: ﴿وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ﴾
فدحو الأرض غايته تمكين أهل الحق من الباطل ووأده.
الثاني:
اقترن ذكرى دحو الأرض في تراثنا الدّيني بالوصايا بمناسك فيها إظهار العبودية لله جلّ وعلا؛ كالغسل والصوم والصلاة والدعاء، وربما يكون ذلك لهدف معرفي بعيد؛ إذ أن دليل النّظم المتقن في حركة الأرض يفيد وجود ناظم ومحرك، ولكن اقتران حركة الأرض بعبادات شرعية يسلط الضوء على وجود حركة جوهرية للإنسان أكثر إتقانًا وإبداعًا من حركة الأرض ذاتها؛ إنه قطع المسافات في عالم التوحيد ومراتبه.