تقدم القراءة:

الحياة الزوجية وفن اكتساب الفضائل

السبت 25 يوليو 2020مساءًالسبت

الوقت المقدر للقراءة:   (عدد الكلمات:  )

0
(0)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

أهنأ وأبرك الأعياد بمناسبة ذكرى زواج النورين صلوات الله عليهما، هذا الزواج الذي أنتج للعالم وللكون وللوجود وللبشرية أفضل وأسمى أسوة وقدوة على مرّ التاريخ. 

فإن كل الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم كانوا يفتخرون بهذا الزواج وكان أمير المؤمنين ﴿؏﴾ في جميع المواقع وجميع المواقف يفخر بأن زوجه هي فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، وكذلك الزهراء صلوات الله وسلامه عليها كانت تفخر بعلي، لأن كلاً منهما كان يملأ الآخر حبًا ومودةً ورحمةً وعلمًا ودينًا وحفظًا، فلا شك أن هذه من عطايا الله سبحانه وتعالى لكلا الزوجين ومن برّ الله بهما إذ اختارهما على عينه جلت قدرته*

ابتداءً أشكر رياحين الولاية على حفظ هذه السنة، وهي إحياء مناسبة زواج النورين ولا أذكر ولا يعلق بذاكرتي -وأنا في موقع متابعة هذه الشؤون بدقة- أن أحدًا قبل الرياحين قام بإحياء هذه المناسبة. ولكن طبعًا اتبعهم على ذلك في العالم الشيعي على الأخص هنا وفي العراق وفي سائر المناطق الشيعية فلهم إن شاء الله أجر وثواب إحياء السنة التي كانت منسية.

الشعار الذي أود أن أتحدث عنه هي الآية المباركة: 

)هُنَّ لِبَاس لَّكُم وَأَنتُم لِبَاس لَّهُنَّ( البقرة: ١٨٧

لا بد أن أقول أن هذه الآية من الآيات المحورية الأساسية التي تفيد الاستراتيجية في الزواج بنظر الإسلام، أو موقعية المرأة وموقعية الرجل. 

الآية مهمة وهي ليست من الآيات الثانوية، بل هي في الحقيقة تخدمنا خدمة كبيرة لفهم حقيقة الحياة الزوجية ووظيفة الزوجين. 

أول ما يلفتنا في هذه الآية عندما قالت (هُنَّ لِبَاس لَّكُم) وقدمت المرأة بالدرجة الأولى ربما يكون التقديم طبيعي وربما نستفيد من التقديم شيء آخر.

(وَأَنتُم لِبَاس لَّهُنَّ) وأنتم: الذكر، الرجال والأزواج. 

معنى اللباس:

إذا أخذنا معنى اللباس، فهو الستر بغرض الحفظ وليس صرف الستر. 

الستر الذي يراد منه أيضًا إضافة على التستر، الحفظ. سواء حفظ البدن أو مطلق الحفظ. 

ولأن الآية أطلقت وقالت (هُنَّ لِبَاس لَّكُم) ولم تقل: لباس لأبدانكم، ولم تقل: لباس لستركم، وإنما قالت: (هُنَّ لِبَاس لَّكُم)، فنستفيد من هذا الإطلاق تعدد المصداق، لكن لباس لأي شيء؟ هل المراد اللباس المادي فقط؟

اللباس المعنوي:

الآية تقبل الانطباق حتى على اللباس المعنوي أيضًا! ويتضح هذا من الإطلاق في الآية. الآية تفيد اللباس المعنوي لأن هناك عدة مصاديق للباس، هناك لباس لحفظ البدن، هناك لباس لحفظ النفس، ولباس لحفظ الفكر… 

فالإنسان يريد أيضًا أن يحفظ قلبه وروحه وفكره وأخلاقه وملكاته وخصائصه، فهو في الحقيقة لباس مطلق! وأيضًا نصت الآية على أن هناك لباس لحفظ الملكات وحفظ الآداب والأخلاق فقال جلّ وعلا: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ﴾ الأعراف: ٢٦ 

التقوى أيضًا لباس، ولباس التقوى خير، بمعنى أكثر خيرية وأفضل منه. 

فاللباس المادي هو ما يحفظ البدن ويستره، لكن ما جاء في قوله جلّ وعلا: (وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ) هي في الحقيقة إضافة على معنى اللباس وتوسع في معنى اللباس، فهي تقول: هناك لباس للتقوى… فإذن الزوجة في الحقيقة سبب للكمال والانسجام.

اللباس المعنوي حفظٌ من الرذائل! 

وهذه في الحقيقة مسألة مهمة يجب أن نتوقف عندها أن الروايات التي تقول أن المرأة كلها شرّ، المرأة ناقصة عقل وناقصة دين، وما إلى ذلك، كيف تكون المرأة بهذه الأوصاف وهي لباس للكمال، لباس للانسجام، ولباس لزيادة التقوى؟! فمن كان شرّ كله، لا يصلح أن يكون لباسا للتقوى وموصل للتقوى، لأن الوصول إلى ملكة التقوى له مقدمات من المراقبة والمواظبة والسلوكيات الخاصة. 

عندما تقوى هذه الخصائص، يصبح هذا اللباس معنوي يحفظ من كل النقائص والرذائل! 

 

الصدق في الحياة الزوجية: 

على الأكثر أن هذا الحفظ ليس حفظًا شرعيًا، فالإسلام لا يقول للمرأة أو الرجل: إذا أردت أن تتزوج، فيجب عليك حفظ خصائص هذه المرأة الروحية وتقوية الجوانب التي تؤدي للتقوى على نحو التشريع، وإن كانت أدلة التعاون على البرّ والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضًا تفيد هذا المعنى، لكن هل أنها مأمورة شرعًا أن تتحول إلى لباس والرجل كذلك؟ 

لا، القضية ليست واقعية حقيقية ولكنها اقتضائية، يعني طبيعة الزواج والحياة الزوجية والمعاشرة بين الطرفين هي تقتضي من جهة التكوين أن كلاً منهما لا يميل إلى كشف الآخر وفضحه وبيان عيوبه، بل كل منهما يحاول أن يسايس الآخر حتى يتخلص كل منهما من نقائصه، كل منهما يحاول أن يدير العلاقة بحيث يسقط كل نقص وكل عيب عن الآخر، وهذا هو صدق العلاقة والصدق في الحياة الزوجية. 

 

من تزوج فقد أحرز نصف دينه: 

وكما جاء في الرواية: “من تزوج فقد أحرز نصف دينه”(١)، فهذا ليس فقط لأنه حفظه من الوقوع في الخطايا والآثام والذنوب التي تدعوه إليها غريزته، هذا جانب فقط، أحرز نصف دينه لأن الإنسان هو نفسه يسعى لحفظ دينه، لكن يحتاج إلى داعم يتمم له هذا النصف الآخر! فلا شك أن الموجود الذي هو الأكثر لطافة وظرافة وأكثر إحساسًا بالخطأ وأكثر ميلاً للصلاح والكمال، لا شك أنه هو الذي سوف يقوم بهذا الدور بفنية أكثر واقتدار أكثر. 

 

خصائص اللباس: 

هناك عدة نقاط يحققها اللباس وهي مهمة: 

١- حفظ الشخصية: 

نعرف أن هناك لباس يناسبه. والإنسان لا يختار اللباس الذي يتناسب مع حفظ بدنه فقط؛ وإنما حفظ شخصيته، لذا فنحن نختار ملابسنا! إذ لا نشتري كل شيء، ولا نلبس أي لون، ولا ننتقي أي ما كان! ماذا يختار الإنسان اللباس الذي يريده؟ لأن عنده في داخله شيء يريد ما يكافئ هذه الصورة التي في نفسه، الإنسان لا يلبس إلا لباسًا يناسبه، فليس من المعقول مثلاً، أن شخصية محترمة وثقيلة وتمشي أمام الناس بثياب قصيرة مثلاً، فهذه لا تكافؤها ولاتناسبها. لا شك أن اللباس نوع من التكافؤ، وطبيعة اللباس نوع مكافأة فكيف إذا كان الزواج! 

٢- الراحة والسعة: 

إذا قسنا اللباس على الزواج نعرف أن الطرفين يبحثان عن أمر يكافئهما، لا يمكن أن تعيش أنت في لباس ضيق عليك يخنقك، لأنك لن تستطيع أن تتحرك بهذا اللباس! سوف يسبب لك محدودية في الحركة وفي الراحة، ومحدودية في أداء وظائفك، وأيضًا الرجل لا يستطيع أن يعيش بلباس يخنقه، لذلك الشخصيتان لا بدّ أن تسَعا بعضيهما، كل واحد لا بدّ أن يتوسع بحيث يحتوي الطرف الآخر! يتوسع بحيث يجمل الطرف الآخر ويكون مناسبًا وكفوءًا له! هذه مسألة جدًا مهمة، ليست الكفؤية بمعنى أن يكون مئة في المئة كل ما تريد يوجد فيه، لا، ليس هكذا، الكفؤية بالمعنى الإجمالي، والحياة الزوجية هي التي توجدها: بالعقل، والحكمة، وإدارة البيت، وإدارة العلاقة. كثير من الأحيان نصادق أناس هم أقل منا علم ومعرفة أو العكس نحن أقل منهم أخلاق وعلم، ولكن بالعشرة نحاول أن نكون متساويين ومتكافئين، الكفاءة تكتسب! 

البنت اليوم إذا لم يعجبها حيثية من حيثيات الرجل، ليست مستعدة لأن تتعب، ليست مستعدة لأن تعيش حياة، لا تعرف معنى الحياة! الحياة الزوجية لا بدّ فيها من قدرة على الإدارة من قبل الطرفين! هذا معنى مهم في اللباس وعملي ومحور لسعادة الحياة الزوجية. 

٣- ستر العيوب: 

الشيء الثالث أن اللباس دائمًا يستر العيوب. وهذا هو المراد من اللباس بالدرجة الأولى: الحفظ وستر العيوب. أنت لا يمكن أن تدخل في بيتك من يفضحك ويلتقط عيوبك ثم بعد ذلك يكشفها للآخرين! هذا ليس زوج وهذه ليست زوجة هؤلاء أعداء! 

مقتضى الحياة الزوجية والمحبة أن يكون كل منهما، حتى إذا بدا للآخرين عيب أو نقص، عنده القدرة أن يسترها! هذا معنى مسألة اللباس، هذا المراد من اللباس. 

٤- نزع اللباس يلازمه التعري! 

الشيء الرابع طبعًا خلع اللباس يسبب أجلكم الله العري، ويسبب الخجل، وقد جاء أن أبغض الحلال عند الله الطلاق(٢)، لأن الناس عادة عندما يريدون أن يقدموا على مسألة الزواج، فكل منهما يذكر محاسن الآخر، فالرجل يُقدم ويخطب لما يرى في المرأة من محاسن، والمرأة قبلت به لما ترى فيه من محاسن، هذا في أصل الإقدام على الزواج. 

إذا أرادت أن تخلع هذا اللباس كلا الطرفين يجب أن يتقي الله سبحانه وتعالى، لأنه في العادة يقوم بفضح الآخر. دائمًا نزع اللباس يلازمه التعري! فما لم يكن هناك تقوى، يبدأ كلا الطرفين يعري الطرف الآخر، ويكشفه ويفضحه، حتى يبرر للناس ويقنع الناس أن هذا الطلاق عمل عقلائي! ولا بدّ أن هذا خروج عن معنى الآية! 

حتى إذا أردت أن تنزع هذا اللباس، حافظ على لباس التقوى، إذا أردت أن تنزع هذا اللباس وتفصل هذه العلاقة، فلتبقى هذه التقوى التي نمت بينكما في ظل هذا الزواج خلال هذه الفترة، وهذه الملكات الأخلاقية الفضائل الأخلاقية التي كانت بينكما، لا ترمي بها بعيدًا عنك عندما تريد أن تفصل هذه العلاقة. 

عادةً كلا الزوجين يكون عنده الميل لكشف عيوب الآخر، وهذا دلالة على أنهما لم يتأخذا بعضهما بعضًا لباسًا من البداية! 

٥- لكل فصل لباس مناسب! 

اللباس فيه خصوصية، فالإنسان في كل فصل يلبس لباس معين، فليس من المعقول أن الإنسان يلبس لباس الشتاء الثقيل في فصل الصيف الحار، وليس من المعقول أن يلبس لباس الربيع مثلاً في الشتاء البارد، لا يمكن، إذ كل فصل له لباس يناسبه. فعلى الزوجين أن يكون عندهما المهارة واللياقة الروحية لمواجهة كل اختلاف وفصل روحي، أحيانًا تشعر المرأة بالتعب والضيق، فلا يجدر بالرجل أن يضغط عليها ويطلب منها طلبات لا تناسب وضعها الروحي، لأنه في الحقيقة إنما يهري هذا اللباس الذي من المفترض أن يحافظ عليه، يحوله إلى خلق، وهذا لا يتناسب مع حاله ومع وضعه. المفترض أن الإنسان روحيًا يتخفف في بيته ويرتاح. المفترض أن يراعى روحيًا في بيته، يتوفر له الجو الذي يناسب وضعه وحاله. وكذلك المرأة كلما كانت أشدّ ظرافة، كلما استطاعت أن تحفظ هذا الحال واستطاعت أن تدير هذه العلاقة بما يتناسب وحال زوجها، وكل امرأة تعرف زوجها. 

انقل هذه النكتة عن صاحب الميزان في قوله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ) 

يقول: (الظاهر من اللباس معناه المعروف: وهو مايستر به الإنسان بدنه. والجملتان من قبيل الإستعارة. استعارة اسم اللباس لبيان هذه المحورية في طبيعة هذه العلاقة، فيقول هذا من باب الاستعارة لكلا الزوجين يمنع صاحبه من اتباع الفجور) 

إذن: لاحظوا اللباس لا يراد به فقط اللباس الخارجي، لا، اللباس الذي يمنع من الوقوع في الخطايا والآثام وفي النقائص وإشاعتها بين أفراد النوع، فكان كل منهما لصاحبه لباس يواريه، يواري به سوءاته، ويستر به عورته وهذه استعارة لطيفة -كلام صاحب الميزان- وتزيد لطفًا هذه الاستعارة بانضمامها لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ﴾ البقرة: ١٨٧ 

فإن الإنسان يستر عورته عن غيره باللباس، وأما نفس اللباس فلا يستر عنه. المرأة من المفترض أن تفخر بزوجها، والزوج يفخر بفضائل زوجته. المرأة عادةً تبين النقاط الإيجابية التي عند زوجها، أما كثير من الرجال لا يحب أن يعترف في الجمع العام مثلاً لهذه المرأة بهذه الفضائل. وهذا تركيبة ليست صحيحة، غير صحيح أن يتكلم الرجل عن أموره الخاصة عن زوجته للناس، لكن المسائل الفكرية، الثقافية، الاقتدار العلمي، الإداري؛ هذا المفترض أن يكون بارز للناس حتى تظهر قيمة هذا البيت كله مع بعضه. 

يقول صاحب الميزان:

وأما اللباس فلا ستر عنه، فكذا كل من الزوجين، يتقي به صاحبه عن الرفث إلى غيره، وأما الرفث إليه، الرغبة له، والتوجه له، والميل إليه، فلأنه لباسه المتصل بنفسه المباشر. فلذلك يجب على كلا الطرفين أن يؤدي حق الآخر، حتى يستنفع من هذا اللباس. 

أسال الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا في الدنيا التأسي بأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين، بالأخص الحياة المثالية، الحياة المعصومة، التي كانت بين علي وفاطمة صلوات الله عليهما، وأن يرزقنا في الآخرة شفاعتهما صلوات الله عليهما والحمد لله رب العالمين.



* محاضرة بمناسبة زواج النورين (ع) ١٤٤١هـ

١. من تزوج أحرز نصف دينه – رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الباقي .

– عنه (صلى الله عليه وآله): من تزوج فقد أعطي نصف العبادة.

– عنه (صلى الله عليه وآله): من تزوج فقد أحرز شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني.

ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١١٧٩

٢. ومن ذلك ما رواه الكلينيُّ بسندٍ صحيح عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: “إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يُحِبُّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيه الْعُرْسُ ويُبْغِضُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيه الطَّلَاقُ ، ومَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضَ إلى اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنَ الطَّلَاقِ”.

الكافي – الشيخ الكليني – ج 6 ص 54.

 

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

كيف وجدت المقال؟ شارك الآخرين ذلك

معدل التقييم 0 / 5. عدد التقييمات 0

لا يوجد تقييم للمقال حتى الآن

اختر تصنيفًا

ما رأيكم بالموقع بحلته الجديدة

إحصائيات المدونة

  • 114٬723 زائر

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

فاجعة استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير 5 (3)

من المعلوم أن الإمام الحسن (ع) قد قُتِل بالسم الذي قدمه له معاوية بواسطة زوجته جعدة بنت الأشعث، فهذه النهاية المؤلمة تكشف عن مقدمات وبوادر سيئة جدًا منذ أن استبدلت الذنابي بالقوادم(1)، واستبدل أمير المؤمنين خير البرية بشر البرية؛ حتى وصل الأمر إلى معاوية الذي خان وفجر وغدر وجاء بكل موبقة.

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١٣ 5 (2)

مما لا شك فيه أن السيّدة زينب ﴿؏﴾ المحتمل في قلبها وفي روحها لعلم أهل البيت ﴿؏﴾، ممن امتحن الله ﷻ قلبها للإيمان؛ لا يصلها ولا يعبث بها الشيطان بأيّ حال من الأحوال، ولذا كان لها أن تواجه تلك الحبائل التي يلقيها الشيطان وأتباعه في الخارج؛ بتلك الرؤية المتماسكة والروح القوية التي لا ينفذ إليها الباطل، والتي تشبه روح الأنبياء ﴿؏﴾ في السعة والقدرة على مواجهة الساحة الخارجية والميادين المشتركة بينها وبين أهل الشر.

الدور الاجتماعي للسيدة زينب ﴿؏﴾ رؤية قرآنية ١٢ 5 (1)

فكانت ﴿؏﴾  تخاطبهم وتوبخهم بقولها: “يا أهل الختل والغدر”؛ وحسب الظرف كان يجدر أن تنفر النّاس من قولها ولا تقبل بتلك التهم، لكن جميع من  كان حاضرًا قد همّ بالبكاء، الصغير والكبير والشيبة!

لأنها ﴿؏﴾ قلبت النّاس على أنفسهم المتواطئة مع الظالم والمتخاذلة والمتقاعسة عن نصرة الحق على ذاتها، فرأوها على حقيقتها رؤية الذي لا لبس فيه؛ فغيرت بذلك أحوالهم وأعادتهم لأنفسهم النورية حيث فقدوها